أحمد المغلوث
منذ صغري وأنا أقف معجباً بزوار كانوا يترددون على مجلس خالي عبد اللطيف في بعض المناسبات الاجتماعية خاصة في الأعياد كنت أتطلع مبهوراً وأنا أستمع إليهم وهم يتحدثون ببساطة عن بعض جوانب أعمالهم, وحده كانت تجذبني بساطته وحسن تعامله ولطفه مع الكبير والصغير. إنه السيد عبد اللطيف عبدالله المخايطة الرائد الأول في مجال العمل على آليات الحفر والمدهش أنه كان في شبابه غواصاً ينزل لأعماق البحر ليغوص ويلتقط المحار المشبع باللؤلؤ. وما هي إلا سنوات وإذا به يعمل على آليات الحفر التي تقوم باستخراج النفط.
سبحان الله كيف حدث ذلك؟ فالأصداف والمحار وحتى الكائنات البحرية مع مرور القرون تتحول إلى نفط. بل النفط هو نتاج انصهار ما يكتنزه البحر من كائنات. وأذكر وعندما كنت تلميذاً في المرحلة الابتدائية قامت المدرسة برحلة إلى معرض أرامكو بالظهران وكان أبوعبدالله هو الذي يشرح لزوار المعرض عن كيفية استخراج النفط من خلال آليات الحفر. بل وحتى اليوم توجد أفلام مسجلة لسعادته رحمه الله. وهو يقوم بعمليات الشرح تعرض في معرض أرامكو. خاصة وهو قد ابتعث لأمريكا للمزيد من التعليم والتدريب في مجال تخصصه في أعمال الحفر وبعد عودته بات يعمل مدرباً في قسم الحفر بالشركة.
وحسب ما هو موثق في سجلات الشركة العملاقة فهذا الرائد في مجاله وتخصصه التحق بالعمل في أرامكو عام 1937م في قطاع عمليات حفر الآبار. وكان مع مرور الأيام الأكثر تميزاً واتقاناً لعمله وأصبح بالتالي أول مدرب سعودي على أجهزة الحفر العملاقة. بل وانتدب من قبل الشركة ليمثلها في معارض عربية ودولية في مهمة الشرح عن أجهزة الحفر. ويجب أن أشير هنا إلى أن رائد الحفر المخايطة كان قد اكتسب ثقافة شعبية ثرية فالأحساء التي ولد فيها بمدينة المبرز والتي تزخر بالعديد المزايا, فمجالس الأسر كانت منبع الأحاديث والمعلومات التي ساهمت في تكوين شخصيته التي تميزت بالتواضع وحسن الحديث مما ساهم في تكوين شخصيته المبهرة التي جذبت إليه كل من عرفه وتعامل معه سواء أكانوا مواطنين أو مقيمين وعلى الأخص كبار رجال أرامكو الأمريكيين وماذا؟ لقد استطاع أبوعبدالله رائد الحفر لآبار النفط أن يكون محبوباً من جميع من عرفه خلال سنوات عمله في أرامكو أو في مدينته ومسقط رأسه «المبرز» فمجلسه كان عامراً حتى آخر يوم من حياته بأفراد أسرته وزملاء العمل الذين يترددون على هذا المجلس. بل كان يشهد أيضاً تردد بعض زملائه من الأمريكيين عندما يحضرون إلى الأحساء في مهمة عمل أو حتى للتبضع من أسواقها الشعبية المختلفة.
وأخيراً كانت الأحساء ومنذ انطلاق شركة أرامكو مليئة بالطاقات التي ساهمت في العمل في مختلف قطاعات الشركة فكان مكتب الشركة في مدينة الهفوف وفي المبنى الذي استأجرته من أسرة «آل القصيبي» كان مقراً لمكاتبها وبالتالي كان أيضاً يشكل نقطة جذب لتوظيف شباب المنطقة في ذلك الوقت.. وما هي إلا سنوات قليلة لتستقطب الشركة المئات بعد ذلك من أبناء المناطق أخرى.