محمد سليمان العنقري
في الوقت الذي يعاني فيه العالم مخاطر الوقوع في ركود اقتصادي في بعض الدول الكبرى التي ترتفع فيها المخاطر مما جعل المستثمرين فيها يتحوطون بأدوات عديدة وقامت شركات كبرى لديهم بعمليات واسعة لتسريح العمالة، حولت رؤية 2030 الأنظار الدولية إلى المملكة كوجهة رئيسية لاستقطاب الاستثمارات، فمنذ أكثر من ستة أعوام على إطلاقها تم التهيئة لبيئة صحية تجذب المستثمرين عبر تحديث وإصدار لعشرات الأنظمة والتشريعات، اضافة لإطلاق برامج تغطي كافة أوجه الإصلاح الاقتصادي المطلوبة للانتقال لاقتصاد متقدم مواكب للعصر الحديث المعتمد على الرقمنة والتكنولوجيا الحديثة وتطبيقاتها، حيث يتضح الاتجاه للتكاملية في البرامج التي أطلقت وتخص كافة القطاعات الاقتصادية الواعدة وكذلك رأس المال البشري وتعززت كذلك بعشرات المشاريع الضخمة التي سيكون لها دور كبير في تعزيز قوة الاقتصاد المحلي، فعالم اليوم تتسابق فيه الدول لبناء حديث لاقتصاداتها لكي يكون لها مكان في النظام الدولي الجديد الذي يعد الاقتصاد مقصده وهدفه الرئيس ويتضح ذلك من أن المواجهات بين القوى الكبرى تقوم على أبعاد اقتصادية حتى لو كان ظاهرها سياسياً أو وصلت حتى لمواجهات عسكرية.
فإطلاق أربع مناطق اقتصادية قبل أيام ليس إلا حلقة في التكامل الذي بدا منذ سنوات بإطلاق برامج لتنشيط قطاعات رئيسية، فإذا كانت صناعة النفط والبتروكيماويات والتعدين تعد هي الركائز الثلاث الأولى في الاقتصاد المحلي وتحتضن تريليونات من الاستثمارات، فإنها تتعزز بإطلاق أيضا لقطاع النقل والخدمات اللوجستية بمفهومها الحديث ليخدم الصناعة السعودية مع المناطق المخصصة لذلك التي استثمر بها مبالغ ضخمة كبنية تحتية كالجبيل وينبع ورأس الخير والمدن الصناعية والاقتصادية والعديد من الموانئ والمطارات كما يضاف لدلك تطوير القطاع المالي ليكون لاعباً رئيسياً في تقديم منتجات تمويل وحلول مالية للقطاع العام والخاص، إضافة لأنظمة ترفع من دور المنشآت الصغيرة والمتوسطة وكذلك برنامج تطوير القدرات البشرية وأيضا برنامج جودة الحياة الذي يعمل على العديد من المبادرات والبرامج كأنسنة المدن وأيضا النهوض بقطاعات الفنون بأنواعها والترفيه والسياحة وكذلك تطوير أنظمة سوق العمل وتشريعاته، فجميع ما عمل الهدف منه هو أن يجد المستثمر البيئة الصحية لكي يضخ استثماراته سواء في السوق المالية أو بتأسيس مشروعه مع حفظ لكافة حقوقه، فالمملكة أصبحت وجهة تستقطب كبرى الشركات لتنتقل لها مقراتها الإقليمية، فالفرص المتاحة بقطاعات عديدة أصبحت متاحة لكافة مستويات المنشآت الخاصة التي يمكنها أيضاً أن تمول نفسها عبر طرق عديدة وليس فقط الاقتراض التقليدي من البنوك، إضافة لأنظمة تسمح لها بتحقيق أفضل ممارسات التنافسية ضمن سوق حر وواعد ويعد الأكبر شرق أوسطياً بحجم إنفاق المستهلك، كما أن الانفتاح الواسع للمملكة بعلاقاتها مع العالم خصوصا الاقتصادات الكبرى أتاح أيضا للقطاع الخاص لتلك الدول أن يتواجد في المملكة ويسهم في النهضة التنموية القائمة حالياً خصوصاً مع الاتجاه لصناعات تحويلية لمنتجات نهائية بالاستفادة من وجود مواد خام وأيضا وسيطة بالمملكة من خلال الصناعات القائمة حالياً وتتعزز أيضا قوة الاقتصاد بزيادة عدد العاملين وخفض اليطالة مما يرفع من حجم الإنفاق الاستهلاكي وزيادة الطلب على السلع والخدمات وهو ما يمثل زيادة في نسبة نجاح فرص الاستثمار.
جميع المشاريع الضخمة التي أعلن عنها والتي يتكلف إنشاؤها أرقاما ضخمة جدا تحتاج لصناعات وخدمات مساندة بمختلف الأحجام وهي فرص كبيرة للاستثمار ومتاحة للجميع ممن لديهم الخبرة والكفاءة والحافز لبدء مشروعهم أو التوسع بالقائم منه وبمختلف القطاعات وهو ما يتطلب من كل فرد أو منشأة راغبين في الاستثمار البحث عن هذه الفرص واقتناصها في الوقت الذي يثبت فيه الاقتصاد الوطني قوته ويحصل على أفضل التصنيفات الائتمانية بالمنطقة ويتمتع بنظام مالي قوي وأنظمة متطورة وبنية تحتية رقمية من بين الأفضل عالمياً.