عبد الله سليمان الطليان
في أغلب المناسبات واللقاءات العائلية المختلفة، دائماً ما يكون هناك حوارات وأحاديث جانبية، وأحياناً هناك من يرتجل الحديث في هذه اللقاءات ويتصدر المجلس في الخطابة في مواضيع متعددة، ولن نشير لتلك المواضيع، يهمنا في المقام الأول هو ثقافة المتكلم أو المتحدث وأسلوبه في الطرح وخلفيته الرصينة الجادة للموضوع، لاحظت في بعض من هذه المناسبات الاجتماعية التي حضرتها، ملاحظات سوف أشير إليها تباعاً، نجد انفسنا أحياناً أمام متحدث يسهب في الحديث وبشكل جهوري لمجرد لفت الأنظار، تخرج الكلمات أو العبارات على نحو ركيك وشاذ في الموضوع الذي يطرحه، يظل الأمر هو أنني موجود، وهذا له خلفية أحياناً تقوم على تمجيد الذات المرتبط بالتعصب الأعمى للعائلة أو القبيلة ومع الأسف، سمعته ممن هو على درجة من العلم، وليت الأمر يتوقف عند هذا, المصيبة والطامة الكبرى في بعض الأحيان هو الانتقاص لأشخاص آخرين هم خارج دائرة القرابة أحياناً بشكل واضح أو بالإشارة المستترة، يقابله في الجهة الأخرى متحدث يسرف في تمجيد الذات على نحو مفرط يستعمل عبارات وكلمات غير مفهومة وغامضة، ومعلومات في مجال عمله قد تكون في بعض منها غير دقيقة وصحيحة لكي يثبت مدى تفوقه العقلي عن مستمعيه، يضاف إلى هذا كله له أثر سلبي ينشأ أحياناً يكون سبباً في الانقطاع عن تلك المناسبات واللقاءات العائلية وتمزيق الترابط الاجتماعي، وخاصة عندما تكون متكررة، يكون المتحدث فيها ثابتاً بفعل مكانته الاجتماعية، الذي أحياناً يصيبه شيء من التكبر والغرور، يجعله يزدري من هم في المجلس على نحو مخجل، ينفرهم حديثه، فيتجنبوا الحضور أو المقاطعة وهذا منتشر في واقعنا بشكل كبير.
أحب أخيراً، أن أورد نصيحة علي ابن أبي طالب رضي الله عنه حيث يقول: يجب أنْ نُكلِّمَ النَّاسَ على قَدْرِ عُقولِهم وبما يَفهَمون، ونَترُكَ ما قد يَشتبِهُ عليهم ويَصعُبُ فَهمُه؛ حتَّى لا يكونَ ذَرِيعةً لهم إلى تَكذيبِ اللهِ ورَسولِه، وعدَمِ تَصديقِهما؛ فإنَّ الناسَ إذا سَمِعوا ما لم تُحِطْ به عُقولُهم، فإنَّهم يُبادِرون إلى تَكذيبِه، ولهذا فإنَّ العالِمَ يُمكِنُه أنْ يَجعَلَ عِلمَه مُستوياتٍ بيْن الناسِ، فيُحدِّثَ العامَّةَ بما تَفهَمُه، ثمَّ يُخصِّصَ النابهينَ وطَلَبةَ العِلمِ بالمسائلِ الدَّقيقةِ ويُدارِسَها معهم.