علي الخزيم
- أقبل العيد السعيد إن شاء الله؛ جعله الله مباركاً على الجميع، وها هُم الصغار يحتفلون به قبل حلول صباحه مبتهجين بإطلالته وما يصاحب القدوم المبارك من ملامح الفرح والسعادة الغامرة لقلوبهم بما تتضمنه مراسمه من تلبية لحاجات بأنفسهم من ملابس جديدة والعاب مُحببة لهم وحلويات يستمتعون بتذوقها قبل أن تعبث بأسنانهم وتحجب شهيتهم عن أطعمة هي الافضل لصحتهم بَدَنياً وعقلياً، ويحرص الآباء على تجنيب أطفالهم مخاطر الألعاب النارية ففيها ضرر على الصغار واستنزاف لجيوب الكبار.
- الكبار لا يَقلُّون فرحةً وسعادةً بقدوم العيد؛ لكنهم لا يُعبِّرون عنها كما يُعبِّر الأطفال؛ ما عدا قلة ممن تَحسبهم بلغوا الحلم وإذا بهم لم يبارحوا عقل الطفولة بدليل تصرفاتهم بمجالس المعايدة من استهتار بمراسم العيد وتسفيه للقيم الاجتماعية المَرعِيّة عند كل اسرة ومجتمع عربي مسلم، وحضور بعضهم بملبس متنافر وقصَّات شعر مقززة وبمظهر لا يمت لا للزمان ولا للمكان بصلة؛ فالعيد بأول سويعاته والمكان يزدان بكبار العائلة مِمَّن لهم التقدير ومزيد الاحترام الاستثنائي بهذه المناسبة الاستثنائية! فمن لا يُقدِّر هذه الاعتبارات لا نصيب له بالعيد فكل الايام والمجالس عنده سواسية؛ ولا فرق عنده بين مجلس عيد الاسرة ومجلس الشلة بالاستراحة حيث الغوغائية وغياب الانضباط.
- وجوه تمنحك التأمل بمتغيرات تكوينها وعوامل الزمن عليها إذ إنك لا تشاهدها سوى مرة بالعام أن حضرت صباح العيد لمجلسكم العامر بالبخور والعطور، فمن تشاهدهم بين فترة وأخرى تكون صورهم حاضرة بإدراكك؛ بينما يحاول عقلك استذكار صورة ذاك القادم الجديد فتدرك أنه ممَّن لا تراهم الَّا كما ترى هلال العيد، فهي وجوه تنمَّقت وتزينت لتمرير صباح العيد كما اتفق، ولتسجيل الحضور العائلي كعادة وليس كمحبة وألفة وصلة رحم، هذه المعاني لم تكن بالحسبان وليست بمفردات قواميسه بل ربما عدَّها من مُخلفات الأجداد كممارسات ساذجة سطحية لا تُجدي نفعاً، وهذا المنطق يُعبِّر عن حقيقة واقِعِه بحسب توجُّهه المُعْوَج؛ ويفسره الغير بالعقوق الاجتماعي الأُسري.
- وكما أن الرغبة تتجه لأمنيات بأن يُغيِّر مثل أولئك العاقين أُسرياً طباعهم ومفاهيمهم ومن ثم اندماجهم الودِّي العاطفي العقلاني بالأسرة؛ فهناك أمنية بأن يُغيِّر البعض نمطية المراسم صباح العيد وما تليها من فعاليات فرح وتهاني وتهادي، التجديد والتحديث لا يتنافى دائماً مع الاصالة العربية والأعراف الإسلامية، العيد فرح ومرح وبهجة فلا يستحسن تقييده بجدول كان يسير عليه الجد السابع ومن قبله، كانت لهم ظروفهم ومعطياتهم الحياتية، ولهم عباراتهم ومفرداتهم بالتهاني والترحاب ونحوها فلا تنحصر الاصالة بالعض عليها بالنواجذ؛ ولا يعني تحديثها الانسلاخ من عبق الماضي ومسالك الأجداد الكرام وشيمهم وقيمهم، هم الأصل والمنبع ولهم كل الفضل بما تركوا لنا من سنن تُحترم، لكن الزمان يتجدد وتتجدد معه مقومات الحياة، والعيد حياة وانتشاء وتغذية للوجدان والعواطف.
- النفوس الراقية والعقول النقيَّة هي من تدرك معنى العيد، فلا تعود الَّا بتطوير المبادئ والمُثُل وتنقيتها من الشوائب والاضغان والأحقاد، وبدون هذا سيبقى العيد كتقليد مُمِل فارغ المعنى.