إيمان حمود الشمري
أن تقبل الصلح وأنت في موقف قوة، وتتجنب خيار الصدام والقطيعة والعزل رغم قدرتك عليه، وتمنح هدنة لفتح صفحة جديدة وإعطاء فرصة للبناء لا للهدم.. تلك هي السياسة الخارجية العميقة التي يقودها الملك سلمان وولي العهد عراب الرؤية الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله.
حنكة سياسية في أبعاد القرارات، وخبرة في المشهد السياسي، وسيادة في ضبط النفس والسيطرة على زمام الأمور لتحقيق تسوية سياسية بين المملكة وعلاقتها بالدول المجاورة، ابتدأت مع إيران، مروراً بإنهاء الأزمة اليمنية، وامتدت لتشمل رفع العزل عن سوريا وضمها إلى محيطها العربي.
على مر التاريخ والمملكة تبذل جهوداً كبيرة في استقرار الدول العربية، وتفصل خلافاتها السياسية فيما يخص الشعب، إذ شملت مساعداتها الشعب اللبناني في قافلة مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية خلال انفجار مرفأ بيروت رغم الخلاف، وامتدت مساعداتها لتطال ضحايا زلزال سوريا، ومن جانب آخر فتحت أبواب الصلح لوحدة الصف وحقن الدماء والنهوض بالعرب لمستقبل أفضل.
دور سيادي كبير لعبته المملكة في تهدئة النفوس وإنهاء معاناة الشعب السوري وانتشاله من الشتات والضياع وتحقيق السلام، إذ يعد الشعب السوري المنكوب أهم مستفيد من هذا الصلح الذي سينهي معاناة اثني عشر عاماً بعودة اللاجئين والنازحين إلى مناطقهم، كما شمل بيان ختام زيارة وزير الخارجية السوري، فتح السفارات في كلا البلدين واستئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين سوريا والسعودية.
خطوات جبارة وحراك دبلوماسي للمملكة يهدف لبناء الأمن والاستقرار ويحقق النمو الاقتصادي والازدهار في منطقة الشرق الأوسط، يذكرنا بكلمة سمو ولي العهد في مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار عام 2018 عندما قال: أوروبا الجديدة هي الشرق الأوسط، والمملكة العربية السعودية في الخمس سنوات القادمة ستكون مختلفة تماماً وإذا نجحت ستلحق بها الدول الأخرى، وستكون النهضة في الثلاثين سنة القادمة في الشرق الأوسط، وها نحن نرى بوادر ما قاله سموه يتحقق، فدمت دوماً يا مملكة العز والصدارة، دمت منارة للصلح والتقارب وَلَمِّ الشمل وإنهاء النزاعات.