عبد الله سليمان الطليان
يطوينا الوقت يوماً بعد يوم ونمر بأحوال مختلفة بين الفرح وبين الكدر في معركة البقاء في هذه الحياة في لهاث للبحث عن لقمة العيش والرزق، نكد ونكدح فينا من ينجح ويجتاز الصعوبات، وفينا من يتعثر أحياناً في عمله.
هناك حالتان تسريان على البشر جميعاً منذ زمن، لهما أثر كبير في كبح إيقاع معيشتنا، فتكبلان حركتنا في بعض منها، وهما المرض والسجن، في المرض الملازم والمرهق للجسد يجعل من كسب العيش أمراً صعباً، خاصة من يرقد على السرير في المستشفى أو البيت الذين هم في شوق وتلهف إلى مغادرة تلك الأسرة، يكون إحصاء الأيام لديهم دقيقاً ولا يغيب عن تفكيرهم، يرصدون الأخبار التي تساعد علاجهم وفي تسريع شفائهم بنهم وشغف، يريدون الخروج من حالهم، يصيبهم الحزن والألم عندما يسرد إليهم واقع بعض الأشخاص الذين هم في حيوية وقوة جسدية، يمرحون، يتسوقون، يتنزهون، يسافرون وهم في عزلة صامتة.
الحالة الأخرى وهي واقع السجين صاحب حكم طويل في السجن، وليس صاحب حكم عليه أن يغادر هذه الحياة، تراه يريد من الأيام أن ترحل سريعاً، يريد أن يعود لأسرته وأهله وأقاربه، يريد أن يخرج من الروتين القاتل المفروض عليه، في أغلب وقته جالساً بين أربعة جدران هي ما يبلغها بصره، يتحرر منها عندما يذهب إلى السكون ويغلبه النوم الذي يمكن من خلاله في أن يجد في حلم عابر أنه بين أصدقائه يمازحهم ويلهو معهم، ولكن عندما تشرق الشمس يصحى ليتبدد الحلم، ويجد نفسه أن مكانه لم يتغير، الصورة راسخة بكل معالمها في داخل السجن.
ونقول هل يمكن أن تقنع المتذمر من واقعه، تراه يقول أحياناً (إنني مليت من الحياة) بسبب مشاكل عائلية أو مالية، والذي تفضل عليه الله بأن منحه الصحة والعافية والتي تعد أكبر نعمة للإنسان، يقول الرسول صل الله عليه وسلم: (نعمتانِ مغبونٌ فيهما كثيرٌ منَ النَّاسِ الصِّحَّةُ والفراغُ).