عبده الأسمري
هنالك «موازين» في الحياة تقتضي أن يضعها الإنسان أمامه يومياً وأن يعلم القيم الحقيقية لمعدلات النعم ومعادلات النقم والحقيقة القيمة في الأقدار النازلة بأمر الله في قطبين أحدهما في الخير لقياس مستوى «الشكر» والآخر للشر لتحديد محتوى «الصبر»..
يغفل البشر عن تلك «النعم» العظيمة التي يعيشون فيها في ظل «موجات» إحباط تعكس القنوط أو «هجمات» يأس تنبئ بالسقوط وذلك بسبب ترجيح كفة «النكران» التي تعمقها نزغات «الشيطان الموغلة في الجحود وتعززها «نزعات» الإنسان المتعمقة في الصدود..
يخضع الإنسان إلى مناهج ثلاثية في حياته أولها في كنف «الأسرة» وثانيها على طاولات «الدراسة» وثالثهما بين ثنايا «التجارب» وهذه المنابع الثلاثة كفيلة بصقل السلوك واختيار المسلك وسط «فروقات» تتباين في مجال الوعي و»مفارقات» تختلف في درب السعي ويبقى «الحظيظ» من حصد «اليقين» ونال «التمكين» في النجاح الشخصي والكفاح الذاتي.
هنالك محطات عمر يمر بها كل إنسان والحصيف من كسب منها غنائم «العبر» وفاز فيها بمغانم «الجبر» حتى يتحول الشخص من متلقٍّ للتوجيه إلى مصدر للنصح في مسارات حياتية مختلفة تنقله من «عمق» الألم إلى «أفق» الأمل.
وفق تحليل نفسي وتدقيق احترافي فإن شخصية الإنسان تمر بمنعطفات متعددة تعتمد على حجم الاستفادة من التجارب الحياتية وتتعامد على معيار الإفادة من المحطات العمرية لذا فإن ذاكرة الإنسان في عصف متواصل من الاجترار والاستذكار وارتباط مستديم مع الاتجاهات المتشابهة أو المتقاربة أو المقترنة بكل سلوكيات سابقة أو أخرى حاضرة لذا فمن المهم أن يكون هنالك «كشف» حساب سلوكي لرصد التغيرات وكشف المتغيرات مع ضرورة قياس «المسافات» وتحديد «الاستيفاءات» بين الأحداث المختلفة التي تتشكل في مسارات العيش ودروب التعايش.
تختلف الشخصية البشرية ما بين الناس وتلك «فروق» فردية تعد إحدى المسلمات الأولى للاختلاف بين الشخصيات وتدور عجلة الزمن فيمضي الإنسان خلالها في شد وجذب ما بين مدِّ «التغير» وجزر «الثبات» مشفوعاً بما تعلمه من مناهج الحياة ومدفوعاً بما استفادة من منهجيات العيش.
تمر على شاشة «الذاكرة» البشرية التي تتفوق على أكبر وأدق الأجهزة التقنية في السعة والاستيعاب وفي الرصد والتحليل الكثير من الوجوه والأماكن والمواقف فتتبارى الاستجابات ما بين عقل يفكر وقلب يتأثر ونفس تسترجع فتأتي «الأفكار» مزدحمة في «فكرة» تبدأ بالعرض الذهني وقد تنتهي بالصراع الداخلي الذي لا توقفه سوى «قرارات» عاجلة أو «استقراءات» مؤجلة وتستمر العملية الذهنية والفكرية بشكل مستمر وفق «منظومة» من الحتمية تقتضي التدبر والتفكر والتبصر وتوظيف ذلك على اتجاهات السلوك في الحاضر المعلوم والمستقبل المجهول وفق «اعتماد» مدروس على الماضي المحفوظ.
تأتي «مناهج» الحياة على طبق من «عجب» لمن أراد التبصر في حيثياتها وتفاصيلها واتجاهاتها وأبعادها حتى يعرف مشارب الصواب ويتعرف على مسارب الخطأ وكي يجيد المرور من منعطفات إجبارية ستفاجئه في مراحل عمر قادمة من خلال التكيف معها بحذر والتعامل فيها بكل حرص وعلى الإنسان أن يتوقف أمام كل محطة «نجاة» بعد كرب حتى يبحر بإتقان من جديد في «عوالم» متوقعة تقتضي المهارة وتستوجب الجدارة.
على الإنسان أن يقف بعد كل مرحلة عمرية أمام نتائجها وعليه أن يحسب «الثمن» المدفوع من وقته وصحته وجهده و»المغنم» المشفوع من خلال قيمته وكفاحه ونجاحه ليرى «النتائج» واضحة ومؤكدة مرصودة بصدى «الحقائق» ومحسوبة بمدى «الوقائع» وعليه أن يعيد النظر مع كل تحول زمني في اتجاهات «الانسحاب» أو «الانجذاب» نحو المجتمع والبشر والمواقف والوقفات.
تتعدد «المناهج» في حياة الإنسان من «مصادر» متنوعة و»منابع» متجددة في دروب عمر إجبارية وحسابات نفس اختيارية وهنالك من يحولها إلى «مباهج» تتواءم مع سمات شخصيته وتجاربه ونظرته نحو السلوك والمسلك وآخرون يخضعون لها دون الاستفادة منها نتيجة «الغفلة» أو «الجهل» ونوع ينتهي من منهج وينتظر آخر بحثاً عن «الاستفادة «ووصولاً إلى «الإفادة».
يعيش الإنسان بين مناهج حياة ومباهج عمر يتعلم منها فوائد «التفكير» ويجد فيها عوائد «التدبير» ويتحول من خلالها إلى صاحب تجربة ومالك خبرة ومنجز سيرة تكون له بمثوبة «التبصر» ومثابة «التدبر في مدارات من «الواجبات» و»الحقوق» ومسارات من «الإقدام» أو «الإحجام».