شهر رمضان مناسبة دينية عظيمة لجميع المسلمين، ولا يخفى على مسلم ما لهذا الشهر من روحانية عظيمة، ومضاعفة للأجور في صيامه وقيامه، وكانت الصحف السعودية في عهد الملك سعود تنتهز هذه الفرصة لتهنئ قراءها من المجتمع السعودي خصوصاً، والمسلمين عموماً بحلول هذا الشهر الكريم، وعلى سبيل المثال: ففي افتتاحية صحيفة "أخبار الظهران" في العدد السادس من السنة الأولى من صدورها، وذلك يوم السبت، 1رمضان، 1374هـ الموافق 23نيسان، 1955م، هنأت الصحيفة القراء بحلول الشهر الكريم قائلةً: "تنتهز جريدة الظهران شهر رمضان المبارك شهر التقوى والعبادة.. شهر البر والإحسان شهر المكرمات والحسنات لترفع إلى المسلمين في أقطار الدنيا أطيب التهاني وأجمل الأماني مبتهلة إلى الله تعالى أن يضاعف لهم أجر صيامه وقيامه وقرآنه وأن يعيده عليهم مقروناً بالخير والعز والسلام".
جديرٌ بالذكر أن صحيفة "أخبار الظهران" كانت تصدر من مدينة الدمام في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، وكانت تُسمى صحيفة "الظهران" في الأعداد الستة الأولى، وعند العدد السابع حملت اسم "أخبار الظهران" الذي هو الاسم الكامل للصحيفة، ونوهت الصحيفة بهذا الموضوع في عددها السابع الصادر يوم السبت 15 رمضان، 1374هـ الموافق 7 آيار، 1955م، حيث ذكرت: "اعتباراً من هذا العدد ستحمل الجريدة اسم "أخبار الظهران" الذي هو الاسم الكامل لجريدتنا تمييزاً لها بذلك عن جريدة الظهران التي سيصدرها زميلنا الأستاذ عبد الله أبا الخيل".
وكان الملك سعود يوجه رسالة للشعب السعودي، والعربي، والإسلامي عبر الصحف السعودية بما أنها كانت وسيلة الإعلام الوحيدة قبل التلفاز في ذلك الوقت: فقد نشرت الصحيفة رسالة الملك وتهنئته بحلول شهر رمضان المبارك تلك السنة تحت عنوان: "نداءٌ موجه من حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم إلى المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك": الحمد لله الذي أنار سبلنا بنور الإسلام وهدانا به سبل السلام وزكى أنفسنا بفريضة الصيام وجعله ليبلو صبرنا في طاعته ويشحذ همتنا في عبادته وحثنا على التسابق في الخيرات والتنافس في الأعمال الصالحات والصلاة والسلام على خير أنبيائه محمد صلوات الله وسلامه عليه الذي دعانا إلى الحق إلى طريق مستقيم، وبعد فإنه يطيب لنا اليوم أن نستقبل شهر الصيام المبارك وأن نرسل على أمواج الأثير من مهابط الوحي ومهد الإسلام إلى إخواننا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها قاصيها ودانيها أجمل التهاني وأطيب الأماني شاكرين المولى عز وجل على أوبة شهر رمضان المبارك الذي يحفزنا على التشمير عن سواعد الجد والاجتهاد في طاعة رب العباد والتزود للقاه يوم لا ينفع مال وبنون الا من أتى الله بقلب سليم..... إخواني المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لنتخذ من شهرنا المبارك الذي أطل علينا هلاله الميمون حافزاً ودافعاً لتجديد عهدنا مع ربنا في إخلاص العبادة له وحده وحزم أمرنا وجمع كلمتنا على مبادئنا السامية لنكفل لشعوبنا ولأمتنا عز الدنيا ونعيم الآخرة ونكون في هذا العالم نبراساً يهتدى به وقدوة يقتدى بها والله ولينا، وهو نعم المولى ونعم النصير".
بالإضافة إلى أن الصحيفة كانت تقوم بوضع حكمة لكل عدد تتعلق بشهر رمضان والحث على اغتنامه، وتنشر مقالات خاصة بالشهر الكريم بأقلام بعض العلماء والمشايخ في ذلك الوقت فعلى سبيل المثال نشرت مقالة بعنوان: "الصيام عبادة وكرم خلق"، للشيخ سعدي ياسين، والتي حوت مقالته العديد من الفوائد الدينية، والنصائح النافعة للمسلمين في هذا الشهر الكريم.
كما أن الصحيفة خصصت عموداً في شهر رمضان بعنوان: "المرأة في معترك الحياة"، يعرض في هذا العمود العديد من سجل البطولات لنساء عربيات إسلاميات.
وكما هو معروف حرص المملكة العربية السعودية على أعمال الخير في شهر رمضان المبارك ورأب الصدع بين الأشقاء المسلمين حيث قامت المملكة بالوساطة بين حكومتي باكستان وأفغانستان لحل بعض المشاكل العالقة حيث تدخل الملك سعود لحل هذا النزاع وتكللت جهوده بالنجاح.
وعند اقتراب حلول العيد كانت صحيفة أخبار الظهران تقوم بتهنئة المسلمين بالعيد كما جرت العادة فتحت عنوان: "تهانينا بمناسبة عيد الفطر السعيد"، ونص التهنئة التالي: "يسر أخبار الظهران أن تقدم تهانينا بمناسبة عيد الفطر السعيد إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم والأسرة المالكة الكريمة إلى كافة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها راجية من المولى تعالى أن يعيده عليهم وهم ناعمون بالخير والسعادة واليمن والإقبال".
بعد هذا العرض لموضوع رمضان في الصحافة السعودية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، نستطيع القول إن الصحافة في ذلك الوقت كانت تساعد في توعية المجتمع بأهمية شهر رمضان، وعرض فوائده الجمة، وكذلك نشرت الصحف كل ما يتعلق بالحكومة السعودية من أعمال خيرية برمضان، والخطابات الرسمية الموجهة من الملك سعود للشعب السعودي مما يزيد من عظمة هذا الشهر وبركته وروحانيته.
** **
- نوال بنت إبراهيم القحطاني