إيمان الدبيّان
بين الواقع والذكرى وما كتبتُ وما أسمع وأرى، أكتب عن المطارات ومعها الطائرات مرة أخرى، فقبل ثلاثة أشهر وتحديداً في السادس عشر من شهر يناير نُشر هنا في الجزيرة مقال لي بعنوان (في الشوارع والمطارات مظاهر مزعجة تترك أسئلة) وتطرقت فيه إلى واحدة من أسوأ المظاهر في مطار الملك عبدالعزيز وهي استقبال أصحاب السيارات الخاصة لك قبل شخص طال انتظارك لاحتضانه، أو كبر الشوق لحضرة مقامه، وربما تمنيت الأرض أن تُطوى لتصل أسرع إلى داره أباً أو أماً أو زوجاً أو صديقاً أو حبيباً أو عائلة كاملة تحمد الله أنك وصلت لهم بالسلامة, بعد ظاهرة أسوأ بدأت تظهر في بعض المطارات تجعلك منهك العضلات وفاقداً للجهد والطاقة مستنفذاً النفس في الرئة وكل مابها من حويصلات عندما يجعلونك تصعد أو تنزل سلم الطائرة وربما بها كلها صعوداً ونزولاً حاملاً حقيبتك اليدوية وأغراضك الشخصية مع ضعف قدرتك الجسدية لأسباب أنثوية أو أقدار عُمرِية أو مرضية ولا تملك إلا أن تتذكر الفنانين الرائعين أبو بكر سالم وطلال مداح وتردد لهما ماكتبه الشاعر الكبير يسلم بن علي (في سلم الطائرة بكيت غصباً بكيت..) فيُحنُّ عليك وتُحمل حقيبتك أو أغراضك ليس من مزود الخدمة الذي فاجأك باستخدام السلم ولكن من مسافر مثلك يعرف طبيعة هذا الألم، ويعي ما سينتظرك بعد السلم في الحافلة التي ستنقلك إلى الصالة إما جالساً لحسن حظك أو معلقاً يدك بمقبض أطول منك لرداءة فرصتك.
في بعض الرحلات كل ما تجاوزت معاناة وجدت أخرى فبعد أن تصعد ثائر الأنفاس لتصل إلى مقعدك بين زحمة الناس بعد صراخ بعض الموظفين بأعلى مقياس عند البوابات لتصنيف الركاب بالمنطقة لا بالمقاس تصل إلى مقعدك وتجد غيرك استحل الرف العلوي لوضع متعلقك الشخصي، وتبدأ بالبحث عن مكان لأغراضك لتستقر أحوالك، وتسأل نفسك لماذا لا يكون هناك التزام وإلزام بأحقية صاحب المقعد بمكان أغراضه وبكل اهتمام؟
نملك أكبر وأجمل وأرقى مطارات العالم ونتميز بكفاءاءت بشرية تقود أسطولنا الجوي وتقدم أفضل صور الملاحة الجوية خُلقاً وتعاملاً؛ ولكن ينقصنا تصحيح هذه الأخطاء الإدارية من المسؤولين عنها والعاملين عليها حتى لا تجتمتع مرارة زيادة أسعار التذكرة مع مرارة انخفاض جودة الإدارة في المطار أو في الخدمات المصاحبة للمسافر في الطائرة صعوداً ونزولاً وفي المطار استقبالاً، تئن من الصداع بعدما أُزعجت الأسماع بالصراخ توديعاً (مجموعة واحد مجموعة اثنين...) وبالألحان النشاز استقبالاً (تاكسي، سيارة، جدة، مكة..) متجاهلاً أو متناسياً جوعك أو عطشك أو احتياجك لشاي أوقهوة بجودة عالية أو وجبة ذات قيمة صحية ملائمة مقابل تذكرة اقتصادية قيمتها غالية تجاوزت الألف بمئات زائدة في اتجاه واحد وليس اتجاهين أو رحلات متتالية، أتمنى أن تتواءم جودة الخدمات مع ما نعيشه من تقنيات وتطورات وطنية هائلة.