الوكالات - الخرطوم:
اندلعت مواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أمس في العاصمة السودانية الخرطوم، وفي مروي -شمالي السودان- فيما امتدت الاشتباكات إلى عدد من الولايات وسقوط عدد من القتلى قدر عددهم بالعشرات. وأعلن الجيش الذي يقوده عبدالفتاح البرهان أن قائد الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتي» فرض الحرب وقواته تستهدف أفراد القوات المسلحة. وأكد الجيش أن عملياته العسكرية مستمرة ضد مقار تلك القوات التي يقودها «حميدتي» ، لافتاً إلى أن قوات الدعم السريع سلمت مقارها في عدة مناطق. وأوضح في بيان أن قوات الدعم في معسكرات ولايات القضارف، وكسلا، وهمشكوريب وفي بعض القواعد بالعاصمة سلموا أنفسهم وأسلحتهم إلى القوات المسلحة، مشدداً على أنه سيتم التعامل معهم بكل احترام. وأوضح المتحدث باسم الجيش السوداني العميد نبيل عبد الله أن قوات الدعم السريع هاجمت مناطق تابعة للقوات المسلحة في المدينة الرياضية ومروي وتم الرد عليها. ووفقا لعدد من وكالات الأنباء فقد أوضحت القوات المسلحة السودانية في بيان نشرته عبر صفحتها بموقع «فيسبوك» إنها فرضت سيطرتها على كل القواعد والمطارات، وتؤدي واجبها الدستوري والوطني والقانوني.
بدورها ذكرت قوات الدعم السريع في بيان لها أن قوة كبيرة من الجيش دخلت مقر قواتها في أرض المعسكرات سوبا وفرضت الحصار عليها، وهاجمتها باستخدام الأسلحة الثقيلة. يشار إلى أن تلك الاشتباكات التي تفجرت أمس وحصدت عشرات الإصابات والقتلى من الطرفين، اندلعت رغم تأكيد البرهان وحميدتي أمس الأول الجمعة، حرصهما على التهدئة وعدم إدخال السودان في أتون الصراع.
فتيل الخلاف
وكانت الخلافات بين القوتين العسكريتين بدأت منذ الأربعاء الماضي في منطقة مروي بعد أن دفعت قوات الدعم السريع بنحو 100 آلية عسكرية إلى موقع قريب من القاعدة الجوية العسكرية مما استفز الجيش الذي وصف هذا التحرك بغير القانوني، مشدداً على وجوب انسحاب تلك القوات وهو ما لم يحصل. ويذكر أن خلافات سابقة بين الطرفين كانت طفت إلى السطح أيضاً خلال ورشة الإصلاح الأمني التي عقدت في مارس الماضي، حول دمج عناصر الدعم السريع في الجيش، وأدت إلى تأجيل الإعلان عن الاتفاق السياسي النهائي الذي كان مقرراً مطلع أبريل من أجل العودة بالسودان إلى المسار الديمقراطي وتشكيل حكومة مدنية.
حل قوات الدعم السريع
ووسط استمرار الاشتباكات أفاد جهاز المخابرات العامة السوداني بأن القائد العام للجيش السوداني عبدالفتاح البرهان أصدر قرارا بحل قوات الدعم السريع. وقال الجهاز في بيان على فيسبوك إن قائد الجيش قرر أيضا إنهاء انتداب ضباط الجيش في قوات الدعم السريع «المتمردة» -وفقاً للبيان-. وجاء القرار بعد دقائق من إعلان رئاسة أركان القوات المسلحة السودانية أنه لا تفاوض ولا حوار قبل حل وتفتيت قوات الدعم السريع «المتمردة».
البرهان
وأكد قائد الجيش عبد الفتاح البرهان أن قوات الدعم السريع هي من بدأت المعارك صباح أمس السبت مشدداً على أن لدى القوات المسلحة ما يكفي لدحر هؤلاء المتمردين - على حد تعبيره - وأوضح في تصريحات لقناة «العربية» أن «متمردي» الدعم سعوا لسيطرة سريعة على مقار للجيش والمناطق الحيوية فجراً وتنفيذ عدة اغتيالات. وأكد أنه لم يكن هناك خيار للقوات المسلحة سوى التصدي لمطامع المتمردين في السلطة - على حد وصفه -. وبين البرهان أن الجيش يدير العمليات ضد قوات الدعم السريع بصبر لمنع وقوع أي خسائر بشرية، مشددا على أن الجيش لديه قوات كافية وإرادة لدحر المتمردين -وفقا لقوله-.
حميدتي
من جانبه أكد قائد قوات الدعم السريع في السودان محمد حمدان دقلو الملقب بحميدتي أمس السبت أن الجيش حاصر معسكراتهم ما اضطرهم للرد. وقال في تصريحات لقناة «العربية» إن الحرب كر وفر، مشيرا إلى أنه لا سيطرة للجيش حتى الآن. وتابع بالقول: سنواصل القتال ولم ننسحب من مواقعنا، مبيناً أنه يدير العمليات العسكرية من الخرطوم. وأكد حميدتي أنه لا حوار قبل تراجع الجيش السوداني، معربا عن تقديره للوساطات الدولية والعربية والأحزاب السياسية السودانية.
على صعيد متصل أكد حميدتي التزام قوات الدعم السريع بأمن وسلامة العسكريين المصريين، وقال: نتعامل مع الجنود المصريين كإخوة ونعمل على إخلائهم سريعاً. وكان المتحدث العسكري المصري غريب عبدالحافظ غريب أكد أمس السبت أنه في إطار تواجد قوات مصرية مشتركة لإجراء تدريبات مع نظرائهم في السودان يجري التنسيق مع الجهات المعنية في السودان، لضمان تأمين القوات المصرية. كما أهابت القوات المسلحة المصرية بالحفاظ على أمن وسلامة القوات المصرية. وكانت قوات الدعم السريع السودانية نشرت مقطعا مصورا قالت إنه لجنود مصريين «استسلموا» لها في مدينة مروي بشمال البلاد. وظهر في المقطع المصور عدد من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ويجلسون على الأرض ويتحدثون مع أفراد من قوات الدعم السريع باللهجة المصرية.
قوات الدعم السريع
وأعلنت قوات الدعم السريع أمس السبت السيطرة على مقر القيادة العامة للقوات المسلحة السودانية، وأوردت في بيان لها السيطرة على الملاحة الجوية في كافة أنحاء السودان، وكذا السيطرة على مقر الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون. وقال البيان إن قوات الدعم السريع حددت مكان رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وجار العمل للقبض عليه -وفقاً للبيان-.
وفيما يتعلق بالقوات المصرية في مروي، قالت قوات الدعم السريع إنها مستعدة لتسليم الرعايا المصريين إلى قيادتهم فور هدوء الأحوال الأمنية.
انشقاق
في غضون ذلك أعلن الجيش السوداني أمس السبت انضمام رئيس الاستخبارات في الدعم السريع اللواء الخير أبو مريدات إليه عبر «فيسبوك» إن أبو مريدات سلم دائرة الاستخبارات للقوات المسلحة.
ارتفاع عدد القتلى المدنيين
وأفادت صحيفة «سودان تريبيون» بارتفاع عدد القتلى من المدنيين جراء الاشتباكات بين الجيش والدعم السريع في مدينتي نيالا والفاشر بإقليم دارفور إلى تسعة قتلى. ونقلت الصحيفة عن مسعف بمستشفى الفاشر التعليمي القول إن 16 مصابا بعضهم في حالة خطرة نقلوا إلى المستشفى ، كما قتل خمسة أشخاص في وقت سابق بالاشتباكات بمدينة نيالا.
حمدوك
ومع استمرار الاشتباكات في الخرطوم وغيرها من الولايات في السودان علق رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك على الوضع، ودعا في كلمة مسجلة نشرها على حسابه في «فيسبوك» أمس السبت الأطراف العسكرية المتحاربة لوقف إطلاق النار.
القوى المدنية
في غضون ذلك دعت القوى المدنية السودانية أمس السبت الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى وقف الاشتباكات. ودعت القوى المدنية - التي وقعت على اتفاق مبدئي لتقاسم السلطة مع الجيش وقوات الدعم السريع - حسبما أفادت وكالة «رويترز» قيادة القوات المسلحة السودانية والدعم السريع إلى وقف الاشتباكات فوراً وتجنيب البلاد شر الانزلاق لهاوية الانهيار الشامل، مناشدة الأسرة الدولية والإقليمية للمساعدة في وقف هذه الاشتباكات، والامتناع عن أي فعل يؤجج الصراع.
قلق سعودي
من جانبها أعربت وزارة الخارجية عن قلق المملكة العربية السعودية البالغ جرّاء حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية بين قوات الجيش والدعم السريع في جمهورية السودان الشقيقة. ودعت المملكة المكون العسكري وجميع القيادات السياسية في السودان إلى تغليب لغة الحوار وضبط النفس والحكمة، وتوحيد الصف بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافق ومن ذلك الاتفاق الإطاري الهادف إلى التوصل لإعلان سياسي يتحقق بموجبه الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي والازدهار للسودان وشعبه الشقيق.
الجامعة العربية
من جهته أعرب الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط عن عميق القلق والانزعاج تجاه العمليات القتالية الدائرة حاليًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى. وأكد أبو الغيط في بيانٍ له أمس مسؤولية الأطراف المتحاربة في الحفاظ على أمن وسلامة المدنيين السودانيين في مناطق الاقتتال وعموم البلاد، داعيًا إلى ضرورة وقف إطلاق النار وحقن الدماء بشكلٍ فوري. وأشار الأمين العام للجامعة العربية إلى استعداد الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للتدخل مع تلك الأطراف لتحقيق ذلك.
مجلس التعاون
من جانبه أعرب الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية الأستاذ جاسم محمد البديوي، عن قلقه البالغ جراء حالة التصعيد والاشتباكات العسكرية بين القوات المسلحة العسكرية وقوات الدعم السريع، داعيًا جميع القيادات السياسية في السودان إلى التهدئة وضبط النفس وتغليب لغة الحوار وصوت الحكمة وتوحيد الصف بما يسهم في استكمال ما تم إحرازه من توافق في ظل الاتفاق الإطاري الهادف إلى التوصل لإعلان سياسي يتحقق بموجبه الاستقرار السياسي والتعافي الاقتصادي والازدهار للسودان وشعبه، ويجنّب المدنيين تبعيات القتال. وأكد البديوي مواقف وقرارات مجلس التعاون الثابتة بشأن أهمية الحفاظ على أمن السودان وسلامته واستقراره والحفاظ على تماسك الدولة ومؤسساتها، ومساندة السودان في مواجهة التحديات الاقتصادية، وتحقيق تطلعات شعبه الشقيق، كذلك الإشادة بالجهود الدولية للآلية الثلاثية (بعثة الأمم المتحدة في السودان والاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية للتنمية)، والمجموعة الرباعية (دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة)، ومجموعة أصدقاء السودان، بهدف التوصل إلى توافق بين القوى السياسية، وإنهاء الأزمة وتحقيق الأمن والاستقرار في السودان.
وناشد الأمين العام لمجلس التعاون جميع الأطراف المتنازعة للاحتكام للحوار والطرق السلمية لتجاوز الخلافات لتعزيز أمن واستقرار السودان، وتحقيق تطلعات شعبه الشقيق.
الأمم المتحدة
على ذات الصعيد دان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس بشدة اندلاع القتال بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية أمس السبت. ودعا غوتيريس في بيان منسوب للمتحدث باسمه قادة الجانبين إلى وقف الأعمال العدائية على الفور واستعادة الهدوء وبدء الحوار لحل الأزمة الراهنة. ونقل البيان عن غوتيريس أن أي تصعيد آخر للقتال سيخلف آثارا كارثية على المدنيين وسيفاقم الوضع الإنساني الصعب في السودان، داعيا الدول الأعضاء بالمنظمة الدولية في المنطقة إلى دعم جهود استعادة النظام والعودة الى المسار الانتقالي. وبحسب البيان يتواصل الأمين العام مع قادة المنطقة مجددا التزام الأمم المتحدة بدعم شعب السودان في جهوده لاستعادة الانتقال الديمقراطي وتحقيق تطلعاته لبناء مستقبل سلمي وآمن.
البرلمان العربي
وأعرب البرلمان العربي عن قلقه تجاه التطورات الجارية في السودان، وخاصة العمليات القتالية الدائرة حاليًا بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى. ودعا البرلمان العربي في بيانٍ له أمس، جميع الأطراف السودانية إلى التحلي بأقصى درجات ضبط النفس والوقف الفوري لإطلاق النار، حمايةً لأرواح الشعب السوداني والحفاظ على مقدرات الدولة، مطالبًا الأطراف كافة بأن تضع نصب أعينها المصالح العليا للشعب السوداني، والعمل على كل ما يحفظ أمن واستقرار السودان.
«التعاون الإسلامي»
كما أعربت منظمة التعاون الإسلامي عن بالغ قلقها، إزاء الاقتتال الدائر في عدد من المدن السودانية بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. ودعا معالي الأمين العام للمنظمة حسين إبراهيم طه، إلى الوقف الفوري لإطلاق النار والعودة إلى مسار الحوار وتغليب صوت العقل. وأعرب معاليه عن ثقته في حكمة الشعب السوداني وقياداته وقدرتهم على تجاوز هذه الأزمة عبر التفاوض والحوار.
دعوة أوروبية
كما دعا الاتحاد الأوروبي جميع القوى السودانية المتفارقة إلى وقف العنف على الفور. وقال الممثل الأعلى الأوروبي للشؤون الخارجية والأمن جوزيب بوريل ان الأنباء التي ترد عن القتال في السودان مفزعة، مؤكداً إن التصعيد لن يؤدي إلا إلى تفاقم الوضع. وعد بوريل في تغريدة إن حماية المواطنين أولوية، معلنا أن جميع موظفي الاتحاد الأوروبي في البلاد آمنون وتم التأكد من سلامتهم.