سمر المقرن
في اجتماع رمضاني ضم عددا من صديقاتي قبل أيام، تحدثنا عن قيادة السيارة والتغيرات الإيجابية التي تعيشها المرأة، فذكرت إحدى الصديقات تجربتها وأن معاناتها في القيادة كانت تتركز على مواعيد المستشفى الخاصة بوالدتها «المقعدة»، تقول: كانت مشكلتي أنني أضطر في البحث عن موقف للسيارة بعد أن أقوم بإنزال والدتي عند بوابة المستشفى، وتظل تنتظرني وقد نتأخر على الموعد مع الطبيب! ثم قرأت عن وجود منصة متخصصة لكبار السن في موقع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، وبالفعل دخلت عليها وأجريت عملية تسجيل باسم والدتي وقد تم منحي بطاقة خاصة باسمها لموقف السيارة، ومن وقتها انتهت المعاناة ولله الحمد.
أقولها حقيقة، الخدمات المقدمة لكبار السن لا تقتصر فقط على مواقف السيارات، بل هي تمتد إلى محورين: مادي ومعنوي. فعلى الصعيد المادي توفر الوزارة لهم كافة الخدمات المساندة والمساعدات الطبية من كراسي متحركة وأسرة طبية وسماعات وغيرها كل حسب حاجته، كما تصرف للمحتاجين منهم مساعدات مالية وعينية ولأسرهم كذلك عبر وكالة الضمان الاجتماعي.
ومع برنامج التحول الوطني تعمل الوزارة على مبادرات لتأسيس خمس واحات نموذجية متوافقة مع احتياجاتهم تشمل كافة الخدمات الصحية والعلاج الطبيعي وناد للترفيه. ولا ننسى كذلك الجمعيات الأهلية المتخصصة بخدمة كبار السن وعددها 13 جمعية تغطي معظم مناطق المملكة.
ولا تتوقف رعاية كبار السن إلى هذه الحدود، بل إن النظام المتكامل والذي صدر العام الماضي لحفظ حقوق كبار السن ورعايتهم ورفع معايير جودة الحياة لديهم، كما يُسهم في ترسية قواعد المجتمع وتنميته وحفظ أمنه واقتصاده. هذا النظام ينص على منحهم امتيازات خاصة ويحفظ الحقوق الاجتماعية والمالية والقانونية. ويشتمل على عقوبات مشددة وصارمة بغرامات مالية أو السجن تجاه من يسيء لكبير السن ويستغل أمواله سواء من الأفراد أو الجهات الاعتبارية. ويتضمن النظام كذلك دعم الأنشطة التطوعية وتأهيل المرافق العامة والتجارية والأحياء السكنية والبيئة المحيطة والمساجد لتكون مناسبة لهم. وهنا تحديداً مهم أن أتوقف، لأن كبار السن لديهم طاقة مهم أن تُصرف في هذه الأنشطة المهمة والتي تُشعرهم بالحياة، ولعلي هنا أشير إلى تجربة مركز الملك سلمان الاجتماعي الذي كان ولا زال نافذة يستنشق فيها كبار السن السعادة والفرح، وهذه التجربة ومع ما نراه اليوم متأكدة أنها ستتطور أكثر وأكثر.
بقي نقطة مهمة تُثلج الصدر ضمن نظام حقوق كبار السن، وهي رادعة «للعاقين» من الأبناء، عندما يريدون التخلص من والديهم أو أحدهما بإيوائه في دور رعاية المسنين، حيث ينص النظام حالياً على ضرورة موافقة كبير السن بدخول الدار أو بصدور حكم قضائي، فلم يعد الموضوع عبثيا وسهلا بين أيدي «العاقين»..!
مثل هذه الأنظمة تمنح الراحة والاستقرار المجتمعي، فالإنسان يعيش دون أن يقلق على حياته بعد الكِبر، بل ويشعر بأن عطاءه مستمر، ولا ننسى أن كبار السن هم من يضيء حياتنا، ومحظوظ من يُسعدهم ويعمل على راحتهم ويكسب رضاهم، فرضا الآباء هو من رضا رب العالمين.