علي الخزيم
قد يرى البعض أن بين هذه المشاهد والملاحظات التي تَحدُث (ببعض المساجد) ما بات معتاداً ليدخل ضمن الأخطاء المكررة التي عانى منها الكثيرون لدرجة الملل المفضي للتغاضي عنها، أو إيجاد مبررات لمرتكبيها كضعف الإدراك العقلي، أو قلة الوعي بأدب ارتياد المساجد والآداب العامة ككل، أو تراجع الصحة العامة لدى فاعلها، غير أن كل هذه الأسباب لا تمنع التوجيه والإرشاد بقدر الإمكان وللجميع ثواب بذل الجهد والاستطاعة بهذا الشأن، فالتبرير لهذه التجاوزات قد يولد لدى الناشئة والشباب فهماً معكوساً نتيجة للتغافل عنها تقديراً لتلك المبررات، فمن المهم؛ بل أراه ضمن مهام القائمين على المساجد والمؤهلين فقهياً أن لا يهملوا التوجيه والإرشاد وتبيان ما يمكن التغاضي عنه؛ وما لا يمكن السكوت عنه.
- بصلاة العشاء والتراويح: يكون بجانبك رجل مصاب بزكام ورشح شديد مصحوب بحالة من العطاس، لم تمكنه الحالة من الخشوع بصلاته، ويزعج غيره بما يصدره من أصوات التمخط والعطاس، ويضايق المصلين حوله لخشيتهم من فيروساته المتطايرة حولهم، فقد كان من الأنسب صلاته بمنزله ليريح نفسه؛ ويعفي الآخرين من الأذى.
- أثناء صلاة التراويح لاحظت أن الإمام يتوقف للحظات عن التلاوة ثم يواصل، وتكررت الحالة بليالٍ تالية، واتضح فيما بعد أن رجلاً من المأمومين يبادر للصف الأول غير بعيد من المحراب، وحين الصلاة يقرأ مع الإمام كمتابعة وبصوت شبه مرتفع، فيظن الإمام أن الرجل يُصحح له خطأً ما في آية قرأها، فقد أخطأ المأموم برفع صوته دون أدنى شك؛ وأربك الإمام وصرف ذهنه عن تجويد التلاوة، وقطع خشوع المأمومين.
- يجتهد المحسنون من جماعة المسجد - جزاهم الله خيراً - بتوفير مياه الشرب للمصلين وكذلك العصائر مع وجبات الإفطار برمضان، فالمشاهد أن كثيراً من العمالة الآسيوية وهي الأغلبية عندنا فوضويون حين التخلص من مخلفات عبوات المياه والعصائر وغيرها مما يتعلق بالوجبات، وفي مسألة مياه الشرب تجدهم مقبلين عليها بصورة عجيبة؛ فواحدة عند دخول المسجد ويتبعها بواحدة يضعها أمامه أثناء الصلاة، وحين الخروج يلتقط من الثلاجة أو كراتين المياه خلف المأمومين ثلاث إلى أربع عبوات، وتشاهده يكمل العبوة التي كانت أمامه ثم يرمي الفارغة أمام أعين الناس وبين أرجلهم وهم خروج من المسجد، بتصرف أهوج بعيداً عن حدود الذوق والأدب, قال أحد جيران المسجد إنه يوماً حاول مناصحة بعض العمالة بأن يضعوا العبوات الفارغة بسلة النفايات القريبة، فكان رد بعضهم بما معناه: ها هي أمامك خذها إلى النفايات.
- عند إقامة الصلاة وقبل تكبيرة الإحرام يكون الإمام قد ألقى نظرة على اكتمال الصفوف وانتظامها، غير أن (أُغيلمة) يبدو أنهم يبالغون بالاجتهاد والحرص على رص الصفوف وتلاحم الأقدام والأكتاف وسد الفُرَج بالصف؛ يتأخرون بالخلف إلى أن تقام الصلاة ليمارسوا اجتهادهم بعد تكبيرة الإحرام بملامسة أكتاف المأمومين ودفعهم للتقارب إلى بعضهم، فهم بسعيهم لذلك لم يكتفوا بفهم المصلين لصلاتهم ولا بتفقد الإمام للصفوف، فبزعمهم أنهم الأعلم من الجميع، هدانا المولى لما يرضيه سبحانه.