(1)
القاعدة النبوية المباركة في رمضان وغيره..كونوا مع القليل المستمر، لا الكثير المنقطع! (كان عَمَلُه دِيمةً، وأيُّكم يستطيعُ ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يستطيعُ؟! وكانتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها إذا عَمِلَتِ العَملَ لَزِمَتْه.
قال أحد العارفين: من بورك له في شيء فليلزمه! هي نافعة -بمعونة الله- في كل شيء ومجربة.
حذارِ.. أصحاب الهَبّات والحماس لا يكاد يستقرون على حال فهم أول الشهر ليس كآخره، كذلك هم مع الأسف في ميدان الحياة الفسيح.
أما أصحاب الهمم والقضايا الكبرى لا يتعبون! هم في مجاهدة مستمرة تذكروا هذا.. وأي شيء أعظم من شهرٍ فيه ليلة خير من ألف شهر. لا شيء.
(2)
أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ .
حديث عن (العلاقة الزوجية) في أشرف ليالي العام. لا ريب أنها الفطرة أسمى صورها. وفي {وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ} توجيه رباني رفيع بأن كل حركة ولو (ظاهرها لذة خالصة) ترتقي نحو رضاه وتقواه! لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ .
علاقة طيبة لا خبيثة، وتماس طاهر لا دنس. لا تنحدر كما نراه في كثير من الواقع المنظور والموجه في العالم، وتريده البرامج الهابطة، والرؤى المريضة، ويخطط له شياطين الأنس الطليق منهم والمصفَّد! شريعة لا يتنتهي أسرارها.
(3)
نجتهد غاية الجهد في تهيئة أسباب الاعتكاف داخل المساجد، (هذا الاعتكاف الشرعي الثابت والمطلوب، وأنتم عاكفون في المساجد، أثر هذه الخلوات على القلب والجوارح ثابت عند العارفين، فإن لم يتفضل الله عليك، فليعتكف قلبك خارجه واجمع جوارحك على ذلك ما استطعت لذلك سبيلًا.
بين المعتكفيْن -بعد معونة الله- عزيمة وقرار.
(4)
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ
من الأسرار البيانية كما استقبلتها أفهام علماء التدبر كثرهم الله.
بناء الفعل (كُتِب) للمجهول ولم يقل (كتبنا)؛ لأن فيها مشقة وشدة، والله تعالى يظهر نفسه في الأمور التي فيها خير {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}، وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ .
أما الأمور المستكرهة أو مقام الذم أحياناً يبني للمجهول التي فيها شر لا ينسبها لنفسه سبحانه وبحمده كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ .
هذا تدبر العلماء الربانين في كلمة واحدة أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ؟!
(5)
موعد فرح!
(فُتِّحت أبوابُ الجنة) متفق عليه. يفرح.
(وغُلِّقت أبوابُ النار) متفق عليه. يفرح.
(وصُفِّدتِ الشياطين) متفق عليه. يفرح.
ثم القيام والصيام إيماناً واحتساباً.. أما موعد الختام .. لَيْلَةِ الْقَدْرِ .. وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ؟! هي خاتمة الفرح في هذا الشهر.. فإنْ حقق الله رجاءك وتحقق طلبك، يكون (فرحك) مضاعفاً 83 عامًا.. موعد فرح!
(6)
العبرة بكمال النهايات، لا بنقص البدايات. ما لا يدرك كله لا يترك جله.حاول أن تكمل النقص باستمرار وتكرر ذلك عند كل غفلة أو هفوة أو غفوة، والله مع الصابرين، والله يحب المتطهرين، ونقص رمضان يكمله شوال وهكذا دواليك! لا سبيل لهذا إلا بهذا، فإذا عرفت هذا فالزم.
(7)
حتى تكون الصورة متوازنة بين ترغيبٍ وترهيب.
هذا منهج قرآني راشد راسخ، تلك الأفراح قد تنقلب على الصائم.
ما لم تتداركه رحمة الله تعالى (ورَغِمَ أنفُ رجلٍ دخل عليه رمضانُ، ثم انسلخ قبل أن يُغْفَرَ له). هذا دعاء شديد من رسول الحق -صلى الله عليه وسلم- على من فرط وورّط نفسه، مع كل الأسباب العلوية والسفلية المهيأة.
فكيف بمن ساهم في تفريط وتوريط (غيره) وسلب منه فرح الصيام؟!
إلى أولئك الذين يسرقون الفرح وما زالوا.. هذا موعد (فرحنا) لا تسرقوه! فإن أبيتم، إنكم إذًا لسارقون.
(8)
كما (فُتِّحت أبوابُ الجنة) على كل صاحب مسؤولية صغيرة أو كبيرة أن يحرص على فتح الأبواب الحسنة ويهيئ أسبابها للناس ويبدأ الأقرب فالأقرب وله أجر الدلالة.
كما (وغُلِّقت أبوابُ النار) يغلق كل باب سوء وأسبابها ويخشى عليه وزر الدلالة.
وإنما (وصُفِّدتِ الشياطين) أن يصفد برامج ومشاريع الضلالة الكبرى ما استطاع لذلك سبيلًا. (نزيد) في الأوقات الفاضلة الشريفة، ونفعل ذلك في (العام كله).
(9)
غزوة بدر الكبرى 17 رمضان 2
مناسبة شرعية ثابتة، وموقعة نبوية ظاهرة الملامح، سامية المقاصد.
لا تغيب عن قلمك أيها الكاتب، ومنبرك أيها الخطيب، ودرسك أيها الأستاذ، ورسالتك أيها الإعلامي، وتوجيهاتك أيها الأب، ورؤيتك أيها القائد.
المشاهد التي نتوقف عندها سواء كانت معارك أو غيرها في الحياة والنهضة والبناء؛ لأجل التأمل ثم استلهام المعاني وتقديمها كما رأينا ذلك في كتاب القرآن بأجمل أسلوب نحو الشباب الصاعد الطموح وربطه بتاريخ رجالاته الشرفاء.
واليوم بعد هذه الأعوام كم من قافلةٍ (غير ذات الشوكة) ما زالت تغدو وتروح، وهي تحتاج إلى اعتراضٍ من أهل الأقلام والبيان والفكر والفرقان.
(10)
الاعتكاف الشرعي والثابت داخل المساجد كما بينه الذكر الحكيم
خلوة مع النفس، وانتباه لصوت الضمير الذي انشغلت عنه طيلة العام راكضًا في دروب الخير ومرات في دروب نوازع النفس التي أوقعتك في سفاسف الأمور؛ فتأتي هذه العشر الكريمة لوضع سلم الأولويات الكبرى والأهداف العليا في مكانها الصحيح.
هذه الليلة كيف السبيل إليها، وهذه الجائزة العظمى ما أسباب تحققها على نحو ما يريده الله ويرضاه.. وإن فعلت ستجد عندك مبتغاه.
تتأمل.. في الربح والخسارة، الفوز والهزيمة، وأين أنا اليوم، وغدًا أين أكون؟
كيف أساهم في (بناء وإنقاذ) نفسي وأهل بيتي ووطني وأمتي.