عبده الأسمري
لو افترضنا أننا عملنا ترشيحًا مجتمعيًا واستبيانًا بشريًا واستفتاءً حياتيًا على مجموعة من «المقاطع» و»البرامج» و»المحتوى» المعروضة في وقتنا الحاضر بكل اتجاهاتها وحللنا «التغذية» الراجعة وتنبهنا للرسائل الموجعة لوجدنا أن الإنسان بطبيعته «الماكثة» في دوائر الفطرة وسجيته المتجهة نحو مصائر المنطق سيرجح كفة الميزان نحو سلطنة «العقل» وهيمنة «الرقي» واندحار «الجهل» واندثار «السفه».
يأتي إلينا متسرب من «الدراسة» أو متهرب من «العائلة» أو سفيه دأب على الاستهتار أو جاهل تأقلم على التفاهة أو تافه تواءم مع الغباء فنراه يوزع «المقاطع» الإليكترونية حاملاً كاميراته وجوالاته في كل مكان وسط عدم «احترام» للذوق العام ولا مبالاة للذائقة المجتمعية، ونراه يطلق «ضحكاته» التي تزيد معدلات «الغثاء» السمعي وسخافاته التي ترفع مؤشرات «التشوه» البصري وسط «جمع» من المطبلين والذين يكملون «المشهد» البائس بالصياح والهتاف والنكات التي تنشر «الترهات» وتثير «السخافات» في مجتمع مسجوع بالقيم ومدفوع بالهمم.
وأتعجب من البعض ممن تواروا عن «الأضواء» لأسباب تتعلق بمحدودية الفهم أو إفلاس الإنتاج ليركبوا «الموجة»، بل إن البعض منهم وقف في «سقطات» المديح لأشخاص لم يقدموا لمجتمعهم سوى «التفاهة» بكل التفاصيل والسفاهة بشتى الصور، وفي هذا «الرأي» الصادر من برهان ودليل على تضييع «بوصلة» الحق وإضاعة «قبلة» المنطق مما يثير «الغرابة» و»الاندهاش» و»التعجب»!!
التصرفات الفردية تعكس شخصية الإنسان بذاته وإن ظلت على محيطه ودائرته وذاته، فهو يمثل نفسه وحتماً فإن ذلك يندرج في دائرة «العاهات» البشرية الفارغة من «المضمون» والتي تجيد الهرولة في «الهوامش»، كونها مفتوحة دون قيود وتواءم حجم «الجهل» المهول المرتبط بها، ولكن هنالك «خطوط» حمراء ممنوع تجاوزها، فالأماكن والميادين والمواقع العامة وحتى المنصات الفضائية خاضعة لرأي المجتمع وقبوله وتقبله، فإذا كان «المحاورون» و»المعدون» و»المقدمون» و»الممثلون» جاهلين فإن المتلقين «عاقلين» وعلى وعي كامل بما تفرضه عليهم طبيعتهم وتربيتهم وحاضرهم ومستقبلهم..
وعلى سبيل المثال هنالك «تعليمات» واضحة بنص النظام بمنع «الشعارات» القبلية والعنصرية المقيتة والتي كان يتبجح بها قبل زمن فئة من «المراهقين» و»الدرباويين»، وكانوا يضعونها بكل تخلف ورجعية على سياراتهم وخيامهم، واختفت وتلاشت بقوة «النظام» بعد أن خشيت تلك «العينات» على جيوبهم من «الغرامات»، وما لبث أن رأينا المشهد يتكرر في زبانية «السفه» في وسائل التواصل الذين وجدوا في السناب والتيك توك مسرحًا لتفريغ أمراضهم وعقدهم النفسية وإعادة إشعال الجمر من تحت رماد المقاطع التي تثير الحساسية وتشيع المقارنات وتزج باسم القبائل في «سخافات» «مشاهير» الفلس وزبانية السفه.
رأينا كيف صفق «العالم» بأسره للمخترعين والمخترعات من الشباب والفتيات القادمين من «كتيبة» موهبة، وشاهدنا حجم «الاعتزاز» ونحن نتفوق عالمياً بسلطة العقل وسلطنة العلم، في حين أن بعض المفلسين ومرضى «القلوب» و»المعتلين» ذهنياً منهم من أساء للوطن في مقاطع خارجية، وآخرون روجوا للكذب والتدليس عن مواقع سياحية، ونوع اقتحم مدارات «الكوارث» الطبيعية ووقف يصور مقاطعه أمام الأعاصير والفيضانات، وصنف تحول إلى «أراجوز» و»دمية» بحثاً عن «فلاشات» الشهرة البائسة ولهثاً وراء المال والذي كان سبباً رئيسياً في تبديد «الهوية» الشخصية وتشويه «الهيئة» الذاتية.
يجهل العديد من المتابعين والمتلقين وقبلهم اللاهثون وراء التلميع والتطبيل أن الشهرة لها اتجاهات، فأما شهرة مقيتة خاسرة من ناتج «الفلس» و»السخرية» و»السفه» أو أخرى فائزة من تميز في «العقل» و»المعرفة» و»التميز»، وتستمر «المقارنة» فأما علو يصنعه الاقتدار أو سقوط يؤكده الانحدار والبشر في ذلك ما بين «تفوق» يجمع عليه «العقلاء» أو «خذلان» يصفق له السفهاء..
نحن بحاجة ماسة إلى رصد ومتابعة وتدقيق وتحليل ودراسات للمهاترات العلنية والترهات الجهرية التي باتت «ظواهر» جلية تقتضي «التحقيق» و»التدقيق» ومنع السفهاء من «التعتيم» على «ضياء» العقول و»الترويج» لمحتوى «التفاهة.. وفرض «الغرامات» وضبط «المنفلتين» من «دوائر» الانضباط وإيقاع «العقوبة» على من يسيء إلى «ثقافة» المجتمع ويشوه «قيم» الدين ويحارب «جمال» الذوق.
أتمنى أن أرى «توصيات» و»مبادرات» و»قرارات» ترفع راية «العقلاء» وتسقط «غاية» السفهاء بالحجج والبراهين والدلائل المنطلقة من أعماق الاهتمام والمتجهة إلى آفاق المهام وصولاً إلى رفع مستوى «المدارك» والارتقاء بمحتوى «المسالك» ووقف ترهات التفاهة ووأد مهاترات السفاهة.