عبده الأسمري
انتصر لهمته وترك «مسيرته» كالضياء المشع في دروب «الأثر» والإمضاء الساطع في منصات «التأثير».
ضليع في مهمات «التنمية» وضالع في محطات «المهنية» وضلع قائم «الزاوية» في «هندسة» المآثر.
ما بين «وجاهة» مستحقة و»سماحة» موثقة قطف «ثمار» الكفاءة ومضى مكللاً بالسعي ومجللاً بالوعي كاسباً «يقين «الإرادة وسابكاً «عناوين» الإدارة وحاسباً «مسافات» الإجادة فكان «الضمير» المتصل في أفعال «النماء» و»القدير» الأصيل في امتثال «الانتماء».
إنه مدير جامعة الملك سعود الأسبق الدكتور منصور التركي -رحمه الله - أحد أبرز رجال الدولة ورموز الجامعات وخبراء الاقتصاد.
بوجه تكسوه ملامح «الاستقامة» وتعلوه مطامح «الشهامة» وتقاسيم خليطة من «الهيبة» و»الطيبة» تعود لأصول عنيزة المهيبة وتمتد إلى فصول طيبة الطيبة وشخصية ودودة التعامل لطيفة التواصل شفافة الرأي حصيفة القول مسجوعة بالرفق ومشفوعة باللين تسكنها سمات «القائد» وتعلوها صفات «الرائد» وكاريزما أليفة ترفل بالتواضع وتحفل بالمكارم وأناقة وطنية بارزة على «محيا» باهر وصوت جهوري تتقاطع فيه «موجهات» الاقتصاد و»اتجاهات» السداد ممتلئ بفصل الخطاب وأصل الجواب تتوارد منه عبارات «القرار» وتتسطر فيه «اعتبارات» الاقتدار قضى التركي من حياته عقوداً وهو يملأ مكانه بمكانة «المسؤول» وأمانة «القيادي» ويبهج زمانه بوقع «العلا» وواقع المعالي أكاديمياً وقائداً وصاحب قرار ومخطط مرحلة وأستاذ أجيال وخبير رؤى تلألأ نجماً في سماء الفوائد وانتشر وسماً في عطاء المنافع.
في المدينة المنورة ولد التركي عام 1362 بين أب كريم وأم عظيمة وتناقل الجيران والأحبة الخبر الذي توشمت به «ذاكرة» المكان واكتمل «الفرح» بدراً في «محيط» الأسرة القصيمية ذات «السمعة» المعطرة بالجود في الحي المديني الزاخر بالتعاون والتعاضد.
ارتهن التركي إلى دروس عميقة من التوجيه في حضور والده ومناهج متعمقة من الرحمة في حضرة والدته ونشأ مشمولاً برعاية مثلى ملأت قلبه الصغير بعبير «الحنان» والذي جعله يزرع بذور البر في مدارات «الامتنان» حتى قدم ردود «العرفان» في انضباط فريد والتزام سديد حظي منهما بدعوات ظلت «غيوماً» تهطل على مستقبله بصيب «التوفيق» في محطات عمر لاحقة بقي والداه فيها «قطبين» مقترنين بالإنجاز والاعتزاز.
كبر التركي بين ثنايا «المعرفة» وعطايا «الثقافة» وظل يرتقب قدوم أبيه «التاجر» الوجيه للمنزل كل مساء ليمطر ليله بأسئلة الصغار المكتظة بالنبوغ الباكر الذي جعل والده يتنبأ له بمستقبل واعد ظل حديثاً جائلاً بين المقربين والأقارب ومضى ينصت لاجتماعات الخبرة والحنكة بين والده التاجر العارف وعمه القاضي المعروف فاقتنص من تلك اللقاءات العائلية معاني «العزم» وسبل «الحزم» فتكاملت في ذهنه «قيم» التوجيه وهمم الوجاهة.
مكث صغيراً في حجر أبيه تارة وفي أحضان والدته تارات أخرى نابعاً من «معين» النصح وناهلاً من «منبع» الدعاء ومضى يكتب أحلامه «سراً» على كشكوله الملوّن المكتظ بالتوقعات والتوقيعات واستمر يلقيها «جهراً» أمام مجالس «القوم» وحول جلسات «الأسرة».
صال وجال التركي طفلاً مع أقرانه بين أحياء قباء والقبلتين والربوة وباب المجيدي وتعتّقت نفسه برياحين الطهر وتشرّبت روحه نسائم التقى وانحفرت في ذهنه المتعة البصرية للمصلين والمعتكفين والركّع السجود في الحرم المدني والقادمين على متن «الاشتياق» والماكثين في «حضن» السكينة واعتمرت أسماعه الألحان «السماوية» من مكبرات المسجد النبوي واستعمرت ذهنه «مشاهد» الحسنى وشهادات المحاسن في عطايا التروحن مع المكان وهدايا «التمكن» عبر الزمان.
غمرت وجدانه صغيراً أنفاس «الرقي» واستعمرت داخله «نفائس» السمو وظل يركض بين أحياء طيبة الطيبة متوشحاً رداءً فضفاضاً من «الأماني» مراقباً «فلول» زوار المسجد النبوي وهم يؤدون «الشعائر» مرتقباً «جموع» طلاب العلم الشرعي وهم ينالون «البشائر.
درس التعليم العام في المدينة المنورة ونال الشهادة الثانوية من مدارس طيبة ثم انتقل إلى الرياض وحصل على درجة البكالوريوس في الاقتصاد علم 1383 من جامعة الرياض وكان من خريجي أول دفعة من كلية الإدارة والاقتصاد.
ثم أكمل دراساته العليا، حيث حصد درجة الماجستير في الاقتصاد عام 1387 من جامعة كولورادو ثم الدكتوراه في الاقتصاد عام 1390 من نفس الجامعة وأتم دراسة خاصة في إدارة الجامعات عام 1389 ودراسة في إدارة التسويق في معهد التسويق الدولي في كامبريدج أمريكا عام 1394 هجري.
سيرة عملية مباركة سار فيها التركي على «خرائط» الجد وقام فيها بأفعال علمية ووطنية وأكاديمية مبنية على «المتون» وابتعد فيها عن «الهوامش» حتى اقترن اسمه بتحولات تاريخية في مسيرة جامعة الملك سعود، حيث تعيَّن في بداياته كمعيد في قسم الاقتصاد جامعة الرياض 1384 ثم أستاذ مساعد في قسم الاقتصاد جامعة الرياض 1391وترقى إلى منصب وكيل كلية التجارة بجامعة الرياض ما بين 1392 إلى 1394 وتعيّن في وظيفة مستشار اقتصادي لوزارة المالية والاقتصاد الوطني عامي 1393 و1394هـ. وشغل منصب منسق التعاون السعودي الأمريكي الاقتصادي من عام 1394 إلى 1403 وتعيّن على منصب وكيل وزارة المالية والاقتصاد الوطني للشؤون الاقتصادية من عام 1394 إلى 1399 وفي عام 1399 تم تعيينه كمدير لجامعة الملك سعود وظل في منصبه حتى عام 1411هـ.
للتركي عضويات متعددة في عدة لجان وعمل كمحافظ مناوب لصندوق النقد الدولي من عام 1396 إلى 1399 ومحافظ مناوب المصرف العربي للتنمية في إفريقيا من عام 1395 إلى 1399 وترأس مجالس إدارات ومنح عضويات عدة شركات محلية ودولية.
أعمال متعددة للتركي كان من أهمها إنشاء مقر جامعة الملك سعود والذي يعد واجهة معمارية وتنموية على مستوى الوطن وخارجه في فترة وجيزة وارتفع عدد الأقسام في الجامعة في عهده إلى 110 أقسام وأنشأ كليتي الزراعة والإدارة بفرع الجامعة بالقصيم وكلية الطب بأبها وانفرد بتقديم التسهيلات والدعم في مسارات الابتعاث والبحث العلمي وإنجازات متعددة في تطوير أعمال الجامعة والأنشطة وغيرها من النجاحات التي لا تزال أصداؤها مقترنة بكفاحه ونجاحه.
انتقل التركي إلى رحمة الله تعالى يوم السبت 13 ذي القعدة عام 1441 ونعته الأوساط التعليمية والوسائل الإعلامية والوسائط التقنية والجامعات والهيئات والقطاعات وعزا فيه رفقاء الدرب وفضلاء المرحلة والماكثين في دوائر «الاعتراف» والذين رصدوا مآثره ووقفاته ومواقفه.
منصور التركي القيادي القدير والإداري المحنك والاقتصادي الخبير صاحب السيرة البيضاء والمسيرة العصماء في شؤون العلا ومتون المعالي.