شهر رمضان الذي تشيع فيه خلال الخير ويعم الحب والوئام، فإذا أردتم أن تصوموا حقا، فصوموا فيه عن الأحقاد، والصوم لا يعني الإمساك عن الطعام والشراب فحسب، بل ينبغي اجتناب المعاصي أيضاً، واشكروا الله على نعمه، وأعطوا من أنفسكم كما تعطون من أموالكم، فرب بسمة مع العطاء تنعش السائل أكثر من العطاء. إن من الصائمين من ليس له من صيامه إلا الجوع والعطش، ذلك الذي يترك الطعام ويأكل بالغيبة لحوم إخوانه، ويكف عن الشراب، ولكنه لا يكف عن الكذب والغش والعدوان على الناس. فصوموا عن الكذب، عن الحقد، عن الكراهية، عن الغيبة، عن النميمة، صوموا عن الجُبن، عن الغدر، عن تضييع الوقت صوموا عن أذى الناس، صوموا عن سوء الظن. إن رمضان شهر الحب والوئام، فكونوا فيه أوسع صدرا وأندى لسانا وأبعد عن المخاصمة والشر، وإن وجدتم إساءة من إخوانكم فاصبروا عليها، وإن بادأكم أحد بالخصام فلا تقابلوه بمثله، بل ليقل أحدكم:»إني صائم». صوموا عن التلاعب بأمن المواطنين، عن التراخي والإهمال، عن الجرائم والتدمير، عن التسلّط على العباد. صوموا عن العثرات التي تسبّبونها للقريب والبعيد، عن العنف بحقّ الأهل والأغراب، عن الانتقاد لمجرّد أنّكم على دراية أكثر من غيركم. صوموا عن السكوت على الحقّ وتغييب الضمير، عن الافتراء والكذب، عن تحطيم الآخر، عن الغرور الأعمى الذي يدفعكم لدفن شروركم في نفوس الأبرياء. صوموا عن التبعية التي تُقصيكم عن أحبائكم وإنسانيتكم، صوموا عن الأنانية التي تنأى بكم عن مصالح الآخرين، صوموا عن أذيّة القلوب،عن الظُلمات، عن الحقد والنِفاق والكراهية مثلما تصوموا عن الطعام.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية،كولكاتا - الهند