محمد بن عبدالله آل شملان
(مكانة كبرى)
ليس هناك حديث في وسائل الإعلام العربية والإسلامية سوى عن المسابقة العالمية للقرآن والأذان «عطر الكلام» غير المسبوقة تاريخياً، فقد تحولت أنظار العالم للمملكة العربية السعودية دينياً كقائدة للعالم العربي، وإسلامياً كأحد محاور الثقافة الدينية، خاصة وأن تلك المسابقة تُقام في شهر رمضان المبارك، شهر القرآن والرحمات، الذي له خصوصية في قلوب العرب والمسلمين، الذين ينتظرونها ويتابعونها في أنحاء العالم بجميع قاراته.
تقف كمسلم وأيضاً كمواطن سعودي وأنت في قمة الانبهار والفخر بحجم المنجز والتميز وقيمة الجوائز المالية العالية جداً للفائزين بها والأداء التنظيمي لتلك المسابقة والرؤية الوطنية الهادفة للاهتمام بالقرآن الكريم وشعيرة الأذان، لتواصل السعودية مسيرتها القيادية في خدمة الإسلام والمسلمين رغم كل الأحداث التي تجتاح منطقة الشرق الأوسط.
وفي تلك الصور المبهجة التي رأيناها عبر التلفزيون ومواقع التواصل الاجتماعي، التي انتشر شذاها بالنسمات العطرة، وهزَّت وجدان الحضور بالأصوات الإيمانية الندية، ننظر كمنتمين لهذا الوطن إلى هذا المنجز العربي والإسلامي، بالشكر والوفاء والعرفان للقيادة الرشيدة - أعزها الله - لرجاحة نهجها وصحة توجهها في تحقيق الريادة المنشودة.
(سحر الصوت الخفي)
القرآن الكريم والأذان هما ترانيم السلام ونغمات الأمان، فكل من يستمع إلى صوت القارئ والمؤذن، فإنه تسافر في قلبه الراحة وتتجوّل في وجدانه الطمأنينة وينشرح صدره بالسكينة والأمان.
هما خطاب الله للتبليغ وللتعبد وللوعي ولليقين، اللذين أكرمنا سبحانه وتعالى بهما، لهما فضل عظيم وثواب جزيل لمن يرفع صوته بهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرؤوا القرآن؛ فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابِه»، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المؤذنون أطول الناس أعناقاً يوم القيامة».
لا يزال الناس يتنافسون فيهما على الفضيلة، ويحييون فيهما استمرارية الشريعة، ويوقظون من خلالهما القلوب قبل الأجفان، فاختص بهما الإسلام دون الأديان.
اهتم الناس بهما، فأضحت لهما مدارس فنية واتجاهات أدائية، واعتنى بهما الكثير حتى أصبحا يشكلان لهم أجمل الغايات، هما من رموز الحضارة الإسلامية المميزة عن بقية الحضارات، يرفعهما أهل المهارة في المساجد والمنابر وفي الأحياء والساحات، وتتميز بهما الحناجر الذهبية.
فالقرآن والأذان يبلغ الناس في داخل المدينة والهجرة وفي المزارع وفي الحقول ومن حولها وفي أطرافها، وتفنَّن الناس قادة كانوا أو من العامة في طباعة المصاحف الشريفة والعناية بالمآذن، واسم المملكة مرتبط بالقرآن والأذان في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وهما قيمُه التي جعلته في العالم قمراً لا تنطفئ أنواره، ونهراً لا يخفي عذوبته، وغصناً شامخاً يطال عنان السماء حتى لامس حدود القمر، وصافح خدود الغمام.
(المبادرة مستمرة)
لا تتوقف مبادرات الهيئة العامة للترفيه، عند حد، بل تستمر، وتكبر وتنمو، محرزة الإنجاز بعد الإنجاز؛ وهذا حال المسابقة العالمية للقرآن والأذان «عطر الكلام»، التي تثبت بعد سنتين على إطلاقها، أنها أكبر وأنجح استثمار في العقل والوعي الديني، وأسرع طريق إلى بناء الأجيال المحصنة ضد المتغيرات الفكرية.
لقد اختار معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه الأستاذ تركي بن عبد المحسن آل الشيخ، منذ البدء، وبالشراكة الإستراتيجية مع رابطة العالم الإسلامي، الرهان على روح المبادرة، والأفكار المبتكرة المميزة، وجمع الطاقات والعزائم القوية، فتوجَّه نحو الشباب والنشء، المتسلح بثقافة دينه، وعلوم حضارته، فوجَّهه نحو عالم القرآن الكريم والأذان، تلك المسابقة التي تبني المجتمعات، وتصنع المعجزات.
وها إن الهيئة العامة للترفيه، تكسب رهان الأمل والمستقبل، وتحتفي بالآلاف من الشباب والنشء العرب، الذين استجابوا لمبادرة التحدي، واتجهوا إلى القرآن الكريم ولشعيرة الأذان، طريق الدين القويم.
إن مبادرة الهيئة العامة للترفيه، التي أرادتها تحدياً وتنافساً في الإقبال على القرآن الكريم ولشعيرة الأذان، إنما تسير في اتجاهات تحتاج إليها المجتمعات عامة، في عالمنا اليوم.
لقد أيقظ معالي رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه الأستاذ تركي بن عبد المحسن آل الشيخ، عبر هذه المسابقة العالمية للقرآن والأذان، الاهتمام بالتلاوات الراقية والمقامات العالية والطبقات والعُرب الصوتية، وأحيا جوانبها، وحفز القرّاء والمؤذنين، وأيقظ في مجتمع العالم الإسلامي مشاعل الدين، في هيئة شباب وناشئة ينبض بالحياة، ويشغف بالمعرفة، ويتطلع لواجبات ريادية في خدمة مجتمعه وأمته.
وقد جاءت كلمات معاليه بالأمس، لترسم صورة الوفاء بحروف من العرفان والشكر، مؤكداً أثناء حضوره تسجيل الحلقة الأخيرة من البرنامج: « كنت سعيد بالحضور اليوم لتسجيل الحلقة الأخيرة من البرنامج الرائع المبارك عطر الكلام، جعل الله ثوابه لمولاي خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله -، وسمو سيدي ولي العهد رئيس مجلس الوزراء - حفظه الله -، وللشعب السعودي الكريم، والقائمين عليه، آمين». وهذه، بلا شك، كلمات مستشار، معه نكسب كل رهان.
(قصة نجاح)
احتفي العالم العربي والإسلامي يوم الجمعة الفائت، بتتويج أبطال النسخة الثانية من المسابقة العالمية للقرآن والأذان «عطر الكلام»، التي ساهمت في خلق حراك ديني في العالم العربي والإسلامي، حيث أيقظت روح التنافس الشريف الهادف، وأبرزت أحد الجوانب الإيجابية في العالم العربي والإسلامي، وما يزخر به من مواهب وقدرات صاعدة، كما جعلت منهم نموذجاً يقتدى في التعلم الذاتي واكتساب المعارف في الأساليب الصوتية المتنوعة، ويعد قصة نجاح ومثالاً يهتدى للمبادرات المؤثرة والفاعلة، بعدما ساهمت في تعزيز التواصل الحضاري بين الشعوب العربية والإسلامية.
مشاركة أكثر من 140 ألف متسابق في النسخة الأولى والثانية من 150 دولة، جاء ليؤكد نجاح المملكة في المساهمة الفعالة في مسيرة الأمة العربية والإسلامية نحو التقدم، إذ استطاعت المبادرة أن تؤثر بطريقة إيجابية وفاعلة في المناخ الديني في الوطن العربي والإسلامي، بتمكنها من اجتذاب آلاف الشباب والنشء في القراءات والأذانات المختلفة، باعتبارها طقوساً وعادات يومية أساسية، فتزايد أرقام المشاركين في المسابقة العالمية للقرآن والأذان، عاماً بعد عام، هو خير برهان على هذا النجاح، بزيادة الوعي العام بواقع القرآن الكريم والأذان، وإثراء البيئة المجتمعية في العالم العربي والإسلامي، بما يدعم تطوير التنافس البنّاء، واستكشاف المتميزين والمبدعين والموهوبين في الحفظ والإجادة والإتقان.
عامان مرا على ولادة المسابقة العالمية للقرآن والأذان «عطر الكلام»، التي أحدثت تعريف العالم بسماحة الإسلام ووسطيته، وكسبت رهان تعزيز التلاقي الإسلامي والحوار المجتمعي، والارتقاء بالمستوى التنافسي، من خلال إعداد الشباب والنشء، المواظب على القرآن والأذان، والمتسلح بالأدوات الثقافية اللازمة لتحقيق مستقبل أفضل له ولدينه الإسلامي، وتحسين الواقع عن طريق الأساليب الصوتية في تلاوة القرآن ورفع الأذان، حيث تأكد الجميع أن الطريق للحضارة والإنجاز والإبداع والتقدم والنماء يبدأ بمعالم الدين حيث القرآن الكريم والأذان.
(التتويج)
أعلنت المسابقة في يومها الأخير من منافسات «عطر الكلام» بتتويج 20 فائزاً بجوائز تصل قيمتها إلى أكثر من 12 مليون ريال، حيث فاز المتسابق الإيراني يونس شاهمرادي بالجائزة الأولى لفرع التلاوة بقيمة 3 ملايين ريال، فيما حصل السعودي عبدالعزيز الفقيه على مليوني ريال نظير فوزه بالمركز الثاني، ثم المغربي زكريا الزيرك الذي فاز بمليون ريال كجائزة مخصصة للمركز الثالث، وأخيراً المغربي عبدالله الدغري الذي فاز بالمركز الرابع وجائزة تقدَّر بـ700 ألف ريال.
وبفرع المسابقة العالمية للأذان فاز المتسابق السعودي محمد آل الشريف بأولى الجوائز وجائزة مليوني ريال، فيما حصل الإندونيسي ضياء الدين بن نزار الدين على المركز الثاني بجائزة قدرها مليون ريال، أما المركز الثالث فكان من نصيب رهيف الحاج الذي حصل على جائزة تقدر بنصف مليون ريال، فيما حصل البريطاني إبراهيم أسد على المركز الرابع بجائزة قدرها 300 ألف ريال.
(دعاء)
أسأل الله تعالى أن يجزي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين على عنايتهما بالإسلام والمسلمين، ودعم كل عمل رشيد يخدم شعائر الإسلام ويشجع الناشئة على قراءة القرآن ورفع الأذان، وأن يبارك بجهود الهيئة العامة للترفيه لما فيه الخير والصواب.