سلمان بن محمد العُمري
لم تعد المعلومات الإحصائية التي تظهرها وتنشرها اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات بمدهشة ولا مستغربة للمتابعين وإن كانت أرقاماً مزعجة، لأنها ليست بجديدة وإن اختلفت الأرقام وزادت مما يؤكد على تفاقم مشكلات تعاطي المخدرات، والإحصاءات أظهرت مؤخراً تفيد أن 41.5 % من القضايا الجنائية سببها تناول المخدرات، وأن هذا الداء يقف أيضاً وراء 47.9 % من المشاكل الأسرية المتعددة. لأن المخدرات ليست داء أو مشكلة فحسب، بل هي حرب مدمرة للأمم والشعوب، تقضي على الحرث والنسل، ومتعاطي المخدرات يفقد الشعور بالمسؤولية، لأنه مشلول في تفكيره ومصاب بفساد الطبع مع تخلقه بالصفات الذميمة المشينة، ومن أضرار هذا البلاء أنه يؤدي إلى الفوضى وانعدام الأمن ويجر إلى الخصومات والفساد الاجتماعي.
ولا شك أن الاعتراف بالمشكلة هي البداية الحقيقية لخطوات العلاج التي هي مسؤولية الجميع بدءاً من الأسرة والمدرسة والمسجد وكافة المؤسسات المجتمعية لمجابهة ومحاربة هذا الداء الفتاك وله عواقب وخيمة على الفرد والمجتمع، ولا ينبغي التهاون والتقليل من خطر المخدرات، ولا بد من عمل إستراتيجيات وبرامج جديدة مباشرة في التوعية والتوجيه، مع قطع دابر كل منابع السموم في داخل المملكة وخارجها، واستغلال كافة المنابر الإعلامية ومواقع التواصل الاجتماعي لتبيان تلك المخاطر التي تضر الإنسان خاصة، والمجتمع بصفة عامة، وإنه من الأهمية بمكان الاستفادة من كافة شرائح المجتمع المتميزة من العلماء والمثقفين، والمختصين في العلوم الشرعية والاجتماعية والإعلامية والتعليمية كل في مجاله ليسهم في مكافحة المخدرات.
إن المخدرات ليست داءً يسهل برؤه وتزول آثاره في المجتمعات بالعلاج فهو داء عضال مزمن، بل هي حرب دائمة تتطلب منا اليقظة والحذر والاستعداد التام وإعداد القوة والعتاد لمواجهة القائمين على هذه الحرب ليس في بلادنا، بل في عقر دارهم وهو ما تم إنجازه في أعمال كثيرة و-لله الحمد- ولا بد من تكاتف جهود الجميع من المؤسسات الرسمية والأهلية والأفراد والجماعات لوقاية أبنائنا من هذا الخطر الذي يهدد مستقبل الأمة والمجتمعات ويستنزف جانباً من مواردها المالية وإمكاناتها البشرية، وقد طالبت في مقالات عدة وفي كتاب سابق أعددته بعنوان: «وباء المخدرات وخطره على الصحة والمجتمع»، وقدَّم له معالي وزير الصحة الأسبق الدكتور حمد المانع، طالبت من ضمن ما طالبت به من مقترحات رجال الأعمال والشركات والمؤسسات التجارية الوطنية للإسهام ضمن مسؤولياتهم الاجتماعية بالمساهمة في التوعية بأضرار المخدرات والمكافحة من خلال دعم برامج التوعية عبر وسائل الإعلام والاتصال بالتنسيق مع الجهات المعينة، كما ينبغي أن تخصص أوقاف تعنى بالمشكلات والمخاطر التي يواجهها المجتمع، ومنها مكافحة المخدرات لتسهم في المحافظة على الأنفس والأعراض والأموال وغيرها، ومعالجة ممن ابتلوا بتعاطي تلك السموم. وألا نكتفي بأيام وأسابيع فقط، بل تكون الحملة مستمرة لمواجهة هذا الوباء الخطير.