يا صفوة الخلق أنت الطاهر العَلَمُ
ولا يضيرك ما خطُّوا وما رسموا
ولا يضيرك ما قالوا وما كتبوا
أنت الإمام إذا ما تبعث الأممُ
أُرسلت للناس كل الناس قاطبةً
وكنت للأنبياء الختم إذ خُتموا
أوحت لنا السيرة الغرّاء منهجكم
فكان أبعدَ عما يرسم الرَّخَمُ
كلُّ المحامد في سيماك قد جُمِعتْ
يا سيدي ونأتْ عن شخصك التُّهم
منك السماحة تُسْتَجلَى مناقِبُهَا
ومن عناقيدها الأعداء قد طَعِمُوا
فككت أسرى الأعادي حين قلت لهم:
فلتذهبوا، رغم أن المعتدين همو
وعُدْتَ من كان يؤذيكم ويحصبكم
ما كنت من مثله بالمثل تنتقمُ
وحينما اختلفوا في أمر كعبتهم
وأجمعوا أنَّ من يأتي هو الحكم
فكنتَ أنتَ وكان العدل منهجكُمْ
وكلُّهُم في أيادي حمله استهموا
يا صفوةَ الخلقِ يا من في خطاه هدىً
إذا خطا خُطوةً تُجلى بها ظلمُ
إِنّا نحبك بعد الله يا أملاً
يرجو شفاعته من ناله ألَمُ
تكلفوا فريةً تجسيد صورتكم
مقلوبةً فاستشاطت حينها الأُممُ
هبّت تلوم بلاداً تدَّعي قيماً
يا مدَّعي قِيَمِ ضاعت بك القيمُ
شُلَّتْ يدٌ رسمتْ والحقد أنتجها
مقلوبة، كيف لا؟ والراسمون عَمُوا
هم شوّهوها فما شاهت وصار لها
في ذهن كل نزيهِ نابهِ شَمَمُ
ما كنت أحسب أن نحيا إلى زمنٍ
ينالُ فيه مقام المصطفى قَزَمُ
كل المعادين إلا ذاك قد حكموا
بأنه خير خلق الله كلِّهِمُ
إن كان ينكرُ أن الحقد دافعُهُ
ففي تضاعيفها من حقده نَغَمُ
أو كان يزعم أن الكسب مقصدُهُ
فحظُّهُ من رسوم الفريةِ الندمُ
يا قادح الشرِّ في الأرجاء أنت بما
فعلت للنار إما سُعِّرت ضَرَمُ
لسوف تحصد شرَّاً أنت زارعُهُ
فالمسلمون وراء المصطفى حِمَمُ
قد حطَّموا الريشة العمياء فانكسرت
وصَوْتُك الفجُّ قد خيطتْ له اللُّجُمُ
يا سيدي لك في أحنائنا مُهَجٌ
خُضـْرٌ وحبُّك في ساحاتها دِيَمُ
يا أعدل الناس ميزاناً وأكرمهم
نفساً وأطهرهم قلباً وإن بَرِمُوا
أنت المقدم في مسبار شانئكم
وسادةُ الغرب في مسبارِهِ خَدَمُ
قد خاف عدلك كسـراهمْ وقيصـرهم
حتى وجيشك في ميزانهم عَدَمُ
جاهدت في الله لم تنقض معاهدةً
وفي حماك حبيبي تخفرُ الذّمَمُ
من غيركُ أسراك في الدنيا يقال لهم:
ماذا تظنون أني فاعلٌ بكُمُ؟
سللت للذود عنه مخلصاً قلمي
فانسلَّ ينفث من أحبارِهِ القلمُ
فجفَّ بحرُ القوافي عن مناقبه
وجاء دون مقام المصطفى الكَلِمُ
لو كان شعري يواتيني كتبت له
قصيدةً في ثناياها الدموع دَمُ
أو كان شعري يواتيني كتبت لهم
لا يأمن البطش من زلت به قدمُ
** **
- أ.د. أحمد بن عبدالله السالم