علي الزهراني (السعلي)
في هذه المقالة الأخيرة من تعريف القصة وسبر كتابتها في مقاليَّ السابقين، وقبلها أنهيت من كرم الله عليّ المقالة والثوب، نعود إلى بعض التفصيل في أمور أراها من وجهة نظر سعلية مهمة، ومنها:
- التقاط الفكرة في القصة القصيرة تبدأ بخاطرة حبست داخل الكاتب لفرح ما أو موقف أحزنه، من جملة قرأها في كتاب ثقافي أدبي أو غير ذاك، من مشاهدة فيلم وفي مشهد بين البطلة والبطل وحوار دار بينهما أثاره وتوقف عنه، من حكاية بين اثنين يسمعها عن قرب وهو يصلح سيارته فانتبه لها، من رجل مسنّ قابله وصافحه واستتمتع بقصصه في ذاك الزمن، من أمه ربما خالته.... وهي تروي كحكواتي له زمن الغرائب والعجائب من سفرٍ على الطريق يقود سيراته لوحده وخطرت له فكرة من ومن ومن .... كل هذا يحدث معي ومع غيري ومعك أنت أيها القارئ الكريم. والآن إن جاءتكم هذه الأفكار فلا تفلتها من رأسك بل توقف ودوّنها كتابة حتى لا تضيع ولات حين مناص من استعادتها كما قال الشاعر:
العلم صيد والكتابة قيده
قيّد صيودك بالحبال الوثائقي
-عندما تريد أيها القاص/ة في الشروع في كتابة القصة لا تهتم كثيرا بطول النص الذي تكتبه من قصره بل دع أنملك - قلمك - حرا في تتبع السرد، وحين أقول السرد أعني كتابة أدق التفاصيل التي تراها أنت تضيف لقصتك، لا تدع فكرك يوقفك بل اترك حرفك يكتبك، وبعد الانتهاء اقرأ أنت بتجرّد كامل كأن تقرأ نصا بعثه لك صديقك، فالكاتب حصيف نفسه، ويعرف أكثر من غيره أن هناك شيء ما فيما كتبه زائدا أو ناقصا، لا تلتف كثيرا لطول ما كتبت بل بإنجاز ما أبدعت، وحين النشر لا تندم على ما نثرت بل استمع واقرأ للنقد كليهما الإيجابي وغيره، ففي إحداهما تعرف من نقد للاسم قبل النص أو انهال على النص تقويما!
- انتبه أيها الكاتب أن تورد كلمات.... قرأتها وأعجبتك وهذا وارد وليس عيبا لكن لابد لك أولا من تبويبها ضعها بين هلالين مثلا والأهم توظيفها فيما تكتب ويخدم نصك.
-القراءة ثم القراءة أولا وعاشرا كما يقولها دائما الدكتور حسن النعمي في كل مناسباته، فمن غير الاطلاع والقراءة لم ولن تستطيع أن تلمّ بمخزون قرّائي ثقافي أدبي علمي تراثي شعري قصصي روائي، باختصار كل شيء، فمن القراءة تخلق الفكرة وتتنامى المقدمة ويحلو الصراع وتتفنن في الخاتمة، وكذلك هناك شيء مهم عزيزي القارئ والقاص المبدع الموهبة هي أول أسس الإبداع، فمن دون الموهبة والإبداع يبقى ما تكتبه مجرد عبث أو مثل النجار يصلح خشب جيرانه وباب بيته مخلوع!
نأتي الآن إلى الخاتمة وأسميها القفلة وهي فن المقامة المسجوعة لحظة التنوير، وهذا لعمري أكثر ما يقلق الكتّاب ويشد ويبهر القارئ، فمن أين نستلهمها أو نستدعيها كيف تأتي، ونضعها في المكان المناسب في نصنا؟ الجواب هو:
1- كل ما كانت نهاية قصتك مدهشة وانتبه غير متوقعة تكامل النص مع بعضه إجادة واتقانا.
2- حين تريد إنهاء قصتك أعدّ ما كتبته مرة ومرتين وثلاثة حتى تشرب النص كالقهوة، تضعه بين أسنانك وتطحنه، وحين تخرج القصة مطحونة تسهل عليك ذرها على الورق «في شاشة هاتفك» وتختمها بما يتناسب ما فكرتك.
3- وكي لا أتعبك أيها القاص سأخبرك بما أفعله في كتابة قصصي ومقالاتي.
أولا/ أضع نهايات مقترحة من عندي.
ثانيا/ أبعثها لصديق أثق برأيه كثيرا.
ثالثا/ اختار ما كنت نويت قفلته في نصي مستعينا بما أهداه إليّ صديقي.
سطر وفاصلة
كَفَى
ارتهانا لنافذةِ قلبي تعالي
واحتمي في احتمالات
الهوى والمستحيل
كَفَى
يا سُدّةَ النور وعتمتها
وانبثاق الضوء في زمن
انشطار جرح الرحيل
كَفَى
وعطرك الآخّاذ يا عمري
لا تغادري محطتي وأنتِ
بعض، كلي، شتاتي، آهاتي
أنّاتي وأنا من دونك وحرفي
عويل