خالد بن حمد المالك
أصبحتْ الضربات الإسرائيلية في العمق وعلى الساحل السوري عادة يومية، وكلُّ هذه الضربات موجهة لمخازن الأسلحة، أو أماكن تصنيع الطائرات المسيَّرة، وكلها تعود إما إلى إيران أو إلى حزب الله اللبناني، وليست لسوريا المغلوب على أمرها.
* *
وآثار هذه الضربات الموجعة والمؤثرة تكلِّف إيران وحزب الله كثيراً، لكن سوريا تأخذ نصيبها بمقتل بعض المدنيين السوريين، أو العسكريين السوريين، فضلاً عن الأضرار في المباني والمنشآت، وإثارة الرعب بين المواطنين.
* *
والثلاثي: سوريا وإيران وحزب الله، يتلقَّون الضربات، ويدفعون الثمن، ولا يملكون القدرة للرد على الهجوم المكثَّف والمتوالي على الأهداف التي تحددها إسرائيل وتُوقِع بها الأضرار، مكتفين بالتهديد الكلامي، دون أي موقف جاد.
* *
وإسرائيل لو كانت تعرف أن هناك أيَّ ردود فعل في مواجهة هذا التصعيد في هجماتها من الأطراف الثلاثة أو من بعضها لما لجأت إلى هذا العنف وبهذه الكثافة، وبكل هذه الاستمرارية، وبالنتائج الموجعة.
* *
ربَّما يكون هدف إسرائيل من هذه الأعمال العسكرية جر إيران وحزب الله إلى حرب أوسع، ومواجهة أقوى في ظل استمرار طهران في المناورة لاستكمال المشروع النووي بعيداً عن الوعود الإيرانية غير الصادقة، وتنامي القوة العسكرية لدى حزب الله من جهة أخرى، ما يشكِّل تهديداً بنظر إسرائيل لأمنها.
* *
وربَّما يكون هذا الذي يحدث متسَّقاً مع سياسة حكومة الائتلاف الإسرائيلي التي تضم عتاة من المتشددين والعنصريين، ومن يوصف بعض أفرادها بالإرهابيين، فجاء هذا التصعيد تناغماً مع توجهات وأيدلوجيات الحكومة الإسرائيلية برئاسة نتنياهو.
* *
لكن الأقرب إلى تحليل هذا التصعيد هو خوف تل أبيب من أن تتحول سوريا إلى منطقة تهديد لأمنها بتواجد إيران وحزب الله المكثف من الرجال والعتاد، حيث يتم تخزين الأسلحة وصناعتها، واستخدامها بما يعرض أمن إسرائيل للخطر.
* *
ولهذا جاء التصعيد الإسرائيلي، وتكثيف الهجمات الآن، عوضاً عن الاكتفاء بمشاهدة ما يُخطط في سوريا، وقد تكون إسرائيل هدفاً له ضمن دول أخرى من خلال هذا التواجد الإيراني وحزب الله في سوريا.
* *
ويُلاحظ أن أيّاً من الدول الكبرى لم تبدِ اعتراضاً لهجمات إسرائيل، بل إنها تغض الطرف عنها، ما يعني مباركتها ولو بشكل غير مباشر للحرب ضد إيران وحزب الله، تماماً كما تفعل في مواقفها مع العدوان الإسرائيلي اليومي على الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة.
* *
وما يجري من أوضاع متأزمة في المنطقة هو بالتأكيد من إفرازات الخلافات بين دولها، وهي ثغرة أو فرصة استغلتها إسرائيل، وبدأت تملي سياستها العسكرية بالقوة بمثل ما نراه اليوم، ولو كان هناك تصالح وتفاهم بين دول المنطقة لما كان لإسرائيل القدرة على أعمالها هذه وغيرها.
* *
وتحجيم إسرائيل، ووقف سياساتها عند حدها الأدنى لا يمكن تحقيقه، دون عودة العلاقات بين دول المنطقة إلى الوضع الطبيعي، وتصديها مجتمعة للإرهاب أيَّاً كان مصدره، وإيقاف الحروب والنزاعات الجانبية، وعدم تمويها، إذ بهذا التوجه يتم تكريس الأمن والسلام، ومعالجة الوضع الفلسطيني القائم، كون القضية الفلسطينية مفتاح السلام، ومصدر الأمن والاستقرار.