رمضان جريدي العنزي
أنا من هواة السفر، وعندما لا أسافر يصيبني الملل والتعب، بالسفر تنتعش الروح، ويتحسن المزاج، وترتقي الذائقة، ويكبر الخيال، ويستيقظ الحماس، وتشتعل الطاقة، ويرتخي البال، وللسفر فوائد جمة، فالذي تشاهده في سفرك ليس كما تسمعه، والسفر مدرسة، تعرف فيه ثقافة الشعوب وعاداتهم وتقالديهم وطرق عيشهم وكيف يفكرون، وما هي آثارهم التاريخية والمناخ والجغرافيا والتضاريس، وفيه إثراء للمعرفة، وتجربة مثيرة، ملهمة ومسلية، ويعمق الفهم للحياة، ويلون وجهة النظر حيال الآخرين، يغيرها ويبدلها، والسفر يساعد على تعزيز الثقة بالنفس، وبجعل المرء أكثر تواضعاً وفهماً وإدراكاً وتسامحاً، وفيه راحة نفسية وبدنية جمة، ولقد أثبتت الدراسات الحديثة المختلفة والمتنوعة بأنه مفيد للجسم والعقل، ويبعد عن التوتر والقلق، ويمنح النشاط والحيوية، ويعزز الشعور بالسعادة، وهو من الوسائل المفيدة أيضاً للترقية والترفيه عن النفس، بعد الضغوط اليومية التي يواجهه الإنسان في مجال عمله وحياته، حيث المتعة والاستجمام والاسترخاء والتخلص من الضغوطات والمشكلات المتراكمة وينشط الذاكرة ويجعلها أكثر نشاطاً وتركيزاً، يقول الإمام الشافعي في فوائد السفر:
تغرب عن الأوطان في طلب العلى
وسافر ففي الأسفار خمس فوائد
تفريج هم واكتساب معيشة
وعلم وآداب وصحبة ماجد
ويقول أيضاً:
سافر تجد عوضا عمن تفارقه
وانصب فإن لذيذ العيش في النصب
إني رأيت وقوف الماء يفسده
إن ساح طاب وإن لم يسح لم يطب
والشمس لو وقفت في الفلك دائمة
لملها الناس من عجم ومن عرب
إن السفر تجربة مفيدة ومثمرة وممتعة، وفيه توسيع مدارك وآفاق، وفيه تغيير وتبديل، إن الضرب في كل أرجاء الدنيا يري الإنسان أشياء كثيرة، ويمنحه خبرة مفيدة، ويكسبه معرفة جديدة، والأهم في السفر صحبة الخلان الصالحين (النشاما)، الذين يعينونك ويؤثرونك على أنفسهم، ولهم سلوك وأخلاق عالية ومميزة، وأعظم معين لصيانة النفس من الشوائب، والأعمال الرديئة.