عبده الأسمري
على مر العصور تتباين كفة «الموازين» ما بين الصواب والخطأ في «ميادين» النتائج و»مضامين» الأهداف..
يتعامد «السلوك» البشري على سمات الشخصية ويعتمد على أبعاد الهوية التي تنتمي لها التصرفات الصادرة من الإنسان سواء كانت في «الأقوال» أو «الأفعال».
نرى ونسمع ما تحمله «الأساطير» الشعبية وما تنتجه المشاهد الدرامية من وجود «مجانين» و»معتوهين» و»مختلين» يصدرون سلوكيات بعيدة عن «النصوص» المنطقية ويقومون بتصرفات خارجة عن «الأقواس» العقلية ويبقى عذرهم في غياب «العقل» أو هيمنة «المرض» أو سيطرة «الاعتلال» وعادة ما تتبلور أدوار تلك «الشخصيات» في قالب «رؤية» المجتمع المحيط بهم وكيف يتعاملون معهم من زاويا «عقلية» تشخص الوقائع وفق «الواقع».
منذ أن بدأت وسائل التواصل الاجتماعي ونسجت خيوط «الوهم» على أذان وأعين القابلين للتفاهة والمتقبلين للسفاهة والقابعين في منحدر «التخلف» رأينا «المراهقين» و»المراهقات» والعاطلين والعاطلات والفارغين والفارغات يلهثون وراء «الكاميرا» التي سلطت الضوء على «الممنوع» و»المحظور» و»المكروه» وباتت تنقل «السفه» من عمق «الخفاء» إلى أفق «العلن» فتعرت «العقول» وانكشفت «الأقنعة» ورأينا كيف يتحول الإنسان إلى «لعبة» في مساحات التفاهة لهثاً وراء «مال» زائل أو «شهرة» سخيفة..
عندما تعالت «أصوات» التحذير قبل سنوات من «خطورة» الوضع وحاول «العقلاء» وفق مساحات «رأيهم» ومجالات «رؤيتهم» إطلاق النداء بوقف هذا «الزحف» لجموع «التافهين» التي تضع السم في الدسم وتتربص «الدوائر» بالأطفال والمراهقين والشباب والفتيات الآن أن مد «المصالح» كان أعظم من جزر «المطامح» وتحولت الشركات ورجال الأعمال والتجار إلى «بيئة» حاضنة لاحتواء التافهين وإشهارهم وإبرازهم من أجل «الإعلانات» المخجلة بحثاً عن تعويض المال للقطاع الخاسر ومنح الهبات للمعلن التافه حتى رأينا «الأقزام» يتطاولون على «النعم» وشاهدنا «الجهلاء» يتمادون على «المنطق»..
مضت الموجات في «بحر» لجي من الغفلة حتى شاهدنا «التقليد» المخجل والذي يدعو للسخرية يدخل إلى أوساط الأسر وبات «المشهور» المفلس السفيه أنموذجا مخزياً لاقتداء طفل مغلوب على أمره أو شاب مفتون في فكره ورأينا الفتيات يلاحقن «الموضة» البائسة التي تتبجح بها «نسويات» الظلال ليقحمن «الصغار» قبل الكبار في التعلق بمظاهر «خادعة» ومناظر «احتيالية» تم تدبيرها لهدم «القيم» وتحطيم «الهمم» وأحداث الفراغات في النسيج الاجتماعي المتماسك..
ومع تلك الموضة السائدة رأينا تطبيق السناب منبراً مخزياً لكل رخيص فكر ومفلس علم ليعتلي المقاطع اليومية يساعده في ذلك جمع من «زبانية» الافلاس ممن يصفقون للسفاهة وهم أهلها.. وظلت «الشركات» التي ترتجي ترويج «البخور» المكدس في المستودعات أو تمرير «البضائع» الخاسرة في المخازن أو رجال الأعمال الفاشلين في رحلة بحث وتعامل وتعاقد عن «سفيه» بغيض أو «عارضة» تجميل لتمرير مصالحهم على حساب القيم والشيم!!
ومما زاد الأمر تعقيداً أن شيوخ دين وشخصيات معروفة يخرجون تارة للتحذير من هؤلاء المشاهير والتصوير برفقتهم والثناء عليهم تارات أخرى في «تناقض» عجيب ومريب يدعو للدهشة ويثير الاستغراب!!
لم يتوقف الأمر عند ذلك بل رأينا من يجمع مثل هؤلاء «التافهين» ويدعمهم ويساندهم حتى أن القنوات الفضائية المتأخرة مهنياً والمتبلدة حرفياَ باتت تستضيفهم إمعاناً منها في تأكيد دلائل «الإفلاس» المهني الذي يجعل «الحيرة» و»الاندهاش» و»الغرابة» عناوين عريضة أمام الاستفسار وحول التساؤل «.
تجاوز الأمر «الاتهام» إلى «الإدانة» وتعدى مجال «الحذر» إلى واقع «الخطر» عندما انتقلت ظاهرة «التفاهة» من «سراديب» الإنترنت وطفحت على سطح «التشجيع» الهزلي من رجال أعمال وأصحاب مصالح وباتت تقفز على «أسوار» الإعلام» الفضائي البائس لتظهر في رداء «الوضوح» وتجاهر في داء «التجلي» مما يستدعي وقفة حازمة للدفاع عن القيم والترافع عن التربية والطعن في الخلل والسعي لتأصيل «العلوم» وإعلاء راية «المعارف» وتحقيق غاية «المشارف» وإيقاف السفهاء عند حدهم وإرجاع التافهين إلى مواقعهم وتوفير كل «السبل» لتوظيف معاني «الرقي» وتأصيل «معالم» الارتقاء في السلوك والمسلك حتى نكون مجتمعاً خالياً من «التفاهة» سليماً من «السفاهة»!