إيمان الدبيّان
مقال هذا الأسبوع بلا عنوان، فقد تركته لك عزيزي القاريء بعد أن تُبحر معي بمركب خيالك وسط عباب محيط حياتك، فتَمرُّ على شواطيء ذاتك، وسواحل مدن مجتمعك، وترى فنار قمم وطنك، وتختار على أي شاطيء سترسو سفينتك، أو على أيّ ساحل ستضع مرساة باخرتك، وإلى أي قمة سيقودك فنار وطنك.
إن اخترت شواطيء الذات فلا بد أن تكون خريطتك ناصعة وخطوطها واضحة، تعرف ماذا ستفعل لتبقى راسياً، وماذا ستنجز لتظل مبحراً، وكيف ستكون عابراً؟ مسرعاً شغوفاً، أو بطيئاً حذراً، متقدماً فائزاً، أو متأخراً منتظراً، ومن المهم أن تحدد وقودك ونوع طاقتك ولا تنسى في هذا كله أن تفتح نوافذ فكرك ومصراعي قلبك؛ لترى بالأولى وتتبصر بالثانية حتى تحب ولا تكره وتعشق الحياة في الحزن والمسرة، تعشق ذاتك ولا تلغي بالأنانية من يصادفك أو يشاركك في حياتك، تملك شجاعة الاعتذار وثقافة الإنصات عندما تتلاطم أمواج البحار لتعبر باقتدار أمام كل تحدٍّ وقرار.
وإن اخترت سواحل مدن مجتمعك فحتماً سترى أنوارها من بعيد فهي مبتهجة بروحانية شهر الصوم الفريد، وتتزين بطقوسها تنتظر أيام العيد، وتسمع عبرات المعتمرين في المسعى والمطاف، وتراتيل المصلين في الفرض والاعتكاف، ملايين يرتدون البياض مستمتعين بخدمات لا يجدونها إلا هنا، وتسهيلات لم يروها إلا في وطننا، آمنين مطمئنين وبتعاوننا معهم نحن المواطنين وحسن تعاملنا سنجعلهم سعيدين، ولأجمل الانطباعات لأوطانهم حاملين.
وفي كل شاطيء أو ساحل تختاره أيها القاريء ترى فناراً ساطعاً وضوءاً لامعاً يقودك ويدلك إلى قمم الوطن الشامخة ونجاحاتها السامقة، تعلو ولا يعلى عليها، ترقى بها ولها، وتذود عنها ولأجلها، شُبِّهَت هِمّتك بقمة طويق الصامد، ورسم الرؤية عرّاب يقودنا نحو مستقبل واعد؛ لذا فوق أي عباب تبحر ستضع لك عنواناً مناسباً وموضوعاً تفخر به إن كنت شيخاً أو شاباً، فنحن من ينحت عناويننا وليست هي من ترسمنا.