رمضان جريدي العنزي
للماء أهمية كبيرة في حياة الإنسان، بل ضرورة من ضرورات استمرار الحياة، لقد أورد لنا القرآن الكريم الكثير من الآيات التي فيها ذكر للماء وأهميتة ووجوب الاقتصاد فيه والمحافظة عليه، قال تعالى: {وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ}، إن ظاهر إهدار مياه الوضوء في المساجد يجب وقفها والحد منها بأي طريقة كانت، موجع أن نرى هذا الهدر الكثيف في مياه الوضوء بشكل ملفت وبائن، وبالرغم من الحملات التوعوية والإرشادية ووضع الملصقات وبلغات مختلفة والتي توضح كيفية ترشيد استخدام المياه في الوضوء، إلا أن هذا لم يردع الناس عن الهدر والإسراف.
إن الإسراف في كل شيء لا يقره ديننا الإسلامي الحنيف، بل يمقته ويلفظه، فكيف بالماء، قال صلى الله عليه وسلم: (لا تسرف ولو كنت على نهر جار)، إن الماء قوام الحياة، أسها ووجودها، فلا يعيش بدونه إنسان ولا حيوان ولا نبات، فيه يسقى الزرع، ومنه يشرب الإنسان والحيوان، وهو أكثر النعم انتشاراً على وجه الأرض، ومن هنا فقد حث الإسلام على الحفاظ على الماء وتخزينه ووجب حسن استعماله، وحرم هدره وإفساده والتفريط فيه، لأنه نعمة كبرى، تتوقف الحياة عليه في كل صورها وأشكالها، وهذه النعمة العظيمة إن حافظنا عليها حسب التوجيهات الدينية الكريمة دامت وسعدنا بها، كما أنها تزول وتفقد بهدرها والإسراف في استعمالها، لقوله تعالى: {لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ}.
ولأهمية الماء في الإسلام، حدد النبي صلى الله عليه وسلم الكمية التي ينبغي للمسلم أن يتوضأ ويغتسل بها، ففي الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يغتسل بالصاع، ويتوضأ بالمد)، والصاع يساوي (2.75 لتر ماء)، والمد يساوي (687 ملليلتر ماء)، وهذا بيان لأقل ما يمكن به أداء العبادة عادة، وليس تقديرًا لازمًا، ونحن في بلادنا من الدول الفقيرة بالماء، كوننا بلاداً صحراوية، لا أنهار لدينا، سوى اعتمادنا على تحلية المياه الباهظة جداً والمكلفة، لذا يتأكد علينا المحافظة على الماء، بكل السبل والطرق المختلفة والمتنوعة، وأن تلتفت وزارة الشؤون الإسلامية لمياه الوضوء في المساجد والهدر الكبير الحاصل بها، وأن تضع الخطط العاجلة لإيقاف هذا الهدر اللامنطقي واللامعقول، من خلال تركيب صنابير ذكية تعمل بحساسات تفتح عند الحاجة وتضخ المياه بكميات مناسبة للوضوء وتغلق من تلقاء نفسها عند ابتعاد الجسم عنها، كما هو معمول به في المجمعات التسويقية والمطارات، أو غيرها من التقنيات الجديدة لوقف هذا الهدر والإسراف.
إن الظاهرة الخطيرة التي تتهدد العالم الآن هي نقص المياه وقد يترتب على نقصها نشوب النزاعات والصراعات، فالإنسان المعاصر وصل في استهلاكه للماء أرقاماً قياسية من الإسراف وبخاصة ما يصرف في الاستحمام والمراحيض والسباحة وأماكن الوضوء في المساجد، إن على الجهات المعنية، وخاصة وزارة الشؤون الإسلامية أن توقف هذا الهدر وأن تحمي مياه الوضوء من العبث، وفي الأخير إن الإسراف يفضي إلى الفاقة والفقر، والمسرف همه الأول والأخير الوصول إلى متعته ولذته ولا يبالي بمصيره أو بمصير الآخرين.