إعداد - عبدالله عبدالرحمن الخفاجي - جنى الشهري/ تصوير - أحمد بامقدم:
بحضور الدكتورة منال الرويشد رئيس مجلس إدارة الجمعية وسعادة الدكتور زياد الدليمي الأكاديمي والباحث في آثار الجزيرة العربية والعراق وحضور نخبة من الشخصيات الثقافية والفنية والإعلامية وبحضور أعضاء الهيئة الإدارية والاستشارية بالجمعية، افتتحت الجمعية السعودية للفنون التشكيلية (جسفت) معرضاً بعنوان «فنون الحضارات» لمجموعة من الفنانين والمحترفين والمصممين، يتقدمهم الفنان التشكيلي علي الشريف.
حيث تضمن المعرض عشرات الأعمال التي توثق الآثار والنقوش الأثرية والزخارف والمفردات التاريخية التي يتجاوز تاريخها آلاف السنين ممتدةً لعمق التاريخ وجذوره لتروي حضارات تاريخية مرت على الجزيرة العربية.
وتضمنت الأعمال المشاركة لوحات تشكيلية ومنحوتات وحرفًا يدوية وأزياء مستوحاة من المفردات الأثرية ووحداتها الزخرفية.
ثم أقامت الجمعية أمسية فنية ثقافية استضافت من خلالها الدكتور زياد الدليمي ليتحدث فيها عن النقوش الصخرية في الجزيرة العربية، حاوره في هذه الأمسية الأستاذ عبدالحميد الصالح مستشار الجمعية. حيث أوضح أن الجزيرة العربية ثرية بالفنون والآثار منذ القدم، والفنون الصخرية والمنقوشات هي أحد أهم هذه الآثار؛ إذ إنها تعبّر عن العديد من مجريات الأحداث التي حصلت في تلك الحقبة.
وبالنسبة لأهمية النقوش الحضارية؛ فقد ذكر عالم الآثار الدكتور «زياد الدليمي» في معرض (فنون الحضارات) أن علم الآثار هو علم يختص بنتاج الإنسان، سواءً كانت نقوشًا، كنوزًا، أو مقابر.
كما أشار إلى أنه يترقب بفارغ الصبر ظهور نتائج رؤية 2030 لأنها نصَّت في بعض بنودها على إبراز الجانب الثقافي والأثري لهذه الأرض التي تستحق هذا الاهتمام، إضافة إلى تسليطها الضوء من الناحية الرسمية والعالمية على تسجيل أكبر عدد من المواقع في منظمة اليونسكو أولًا وعاملاً محفزاً للسياحة ثانيًا.
ومما أشار إليه الدكتور زياد في محاضرته، أن دلائل الصحراء المنتشرة كنقوش تم نقشها على الصخور كخطوط مرورية من قبل قدماء يسمون بـ»أدلّاء الصحراء»، أملًا لإرشاد من كان تائهًا ليستدل بها على الآبار والواحات، فمثلًا عند رسم دائرة كاملة يعني قرب وجود واحة ماؤها قابل للشرب، أما دائرة في بطن دائرة فيعني وجود واحة ماؤها غير صالح لشرب البشر، فقط صالح للحيوان. وهذا يدل على أن هذه الخطوط المرورية المنقوشة على الصخور هي محاكاة للإنسان ومستوى الثقافة التي استطاع الوصول إليها.
كما ذكر في معرض حديثه عن علم الآثار أن هناك ثلاث أسس لهذا العلم وهي: الاستيطان والثقافة والحضارة، لا نستطيع أن نضعها تحت سقفٍ واحد، فالإنسان يستوطن بدايةً ثم يدخل من بوابة الثقافة إلى بوابة الحضارة، مع تنويهه بأن الاستيطان هو الأساس.
وقرر معالي وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله آل سعود بإمكانية تسجيل النقوش الصخرية من قبل المواطنين، أي عند وجود المواطن لنقش فريد من نوعه؛ بإمكانه توثيقه عبر التقاط صورة له ثم تسجيله باسمه في وزارة الثقافة السعودية.
وعندما تم سؤال الدكتور الدليمي عن دور مكونات المجتمع في خدمة هذا الهدف الثقافي أجاب بأن المواقع الأثرية والنقوش الصخرية توجد في المناطق النائية أي البراري والصحاري، مما يعزز دور المواطن -كونه مكوّنًا من مكونات المجتمع- أن يتكاتف مع جهود الدولة من أجل الحفاظ على هذه الآثار المتوارثة عبر الإبلاغ عن وجود أي مكتشفات جديدة، والمحافظة عليها وعدم تخريبها، والسعي لتسجيل هذا الموقع ضمن السياق الرسمي لوزارة الثقافة. وكل هذا يُعد من الأعباء التي تقع على عاتق أي مواطن يسعى لخدمة حضارة بلده والمحافظة عليها.
وفي كلمة لها رحبت الدكتورة منال الرويشد رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للفنون التشكيلية بضيف الأمسية الدكتور زياد الدليمي وشكرته على ما قدمه من معلومات ثرية تاريخية عن مكنون الجزيرة العربية منذ أقدم العصور، كما شكرت الضيوف والمشاركين وكل من أسهم في نجاح هذا المعرض والأمسية، مؤكدةً حرص الجمعية الدائم على إقامة الفعاليات المتفردة التي تكون رافداً للثقافة الفنية في المملكة.
وفي ختام الأمسية كرمت الجمعية السعودية للفنون التشكيلية جسفت ممثلةً برئيس مجلس إدارتها الدكتورة منال الرويشد ضيف الأمسية سعادة الدكتور زياد الدليمي بدرع تذكاري شكراً له على ما قدمه.
ويستمر المعرض في صالة (جسفت) للفنون التشكيلية بالرياض لمنتصف شهر رمضان المبارك.