عبد الله النجدي
كتاب 38 خطأ في الكتابة القصصية وكيف يمكن تحاشيها لجاك م. بيكهام، ترجمة صدقي عبدالله حطاب، كتاب يرتفع بـ 162 صفحة، كتاب ثري، ومن المهم أن يقرأه من يريد أن يكتب في السرد، في القصة والرواية، وكذلك من سبق وأن كتب. بعد قراءة الكتاب ستخرج بثقافة نقدية ضرورية لك ككاتب، لأنه سيختصر عليك سنوات من التجريب كنت ستقضيها حتى تصل للصواب. بعد قراءة هذا الكتاب ستجد 38 خطأً أمامك، ستعرفها وستتجنب الوقوع فيها، ستعرف ذلك في يوم أو يومين أليس الأمر مغرياً؟
أساس الكتابة الجيدة هو الموهبة، لا شك في ذلك، ولو قرأت كل الكتب التي تتحدث عن كيفية الكتابة، وتلافي أخطائها، وأنت لست موهوباً فلن تكتب قصة واحدة جيدة، لكن إن كنت موهوباً، وقرأت في أساليب الكتابة وتقنياتها، وعرفت عناصر وأركان الجنس الأدبي الذي ستكتب فيه، فبلاشك سيكون أداؤك أفضل من الموهوب الذي لم يقرأ.
أعود للكتاب، هو كعنوانه يتحدث عن 38 خطأ شائعاً، وبعضها يحسبها الكتاب المبتدئين ليست أخطاءً، بل يظنونها مزايا! وهنا قيمة هذا الكتاب.
في هذا الكتاب سيقول لك المؤلف عدة أشياء منها - سأنقلها ببعض التصرف-:
- إن الكتابة عمل شاق ومضن، ويجب أن تفرغ له وقتاً من وقتك، ويجب عليك المثابرة حتى تحصل على عمل أدبي جيد تفتخر به، يجب عليك بذل الجهد والمثابرة، ونبذ الكسل والتراخي واصطناع الأعذار.
- لا تستخف بقارئك، لا تظن أنه أقل ذكاءً منك، ولا تستخف بأعمال الكتاب الآخرين.
- لا تستعرض معارفك ومعلوماتك في غير موضعها، استخدم منها ما يفيد قصتك فقط.
- لا تتوقع المعجزات، وأن عملك سيكون الأفضل، ستكتب ولن تجد ما توقعت من نجاح، كن صبوراً.
- لا تبدأ قصتك بوصف، فهذا ممل للقارئ، ابدأ بحدث يمسك بتلابيب القارئ من البداية، قم بالوصف لاحقاً.
- تحاش الأسلوب المنمق، اقتصد في استخدام اللغة البلاغية، خاصة في الوصف، لأن الوصف الشاعري والبلاغي الطويل يُبطئ حركة القصة، وربما يجعلها تتوقف.
- لا تستخدم شخصيات من الواقع، أولاً لأن أصحابها ربما يقاضونك، ثانياً لأن الشخصيات القصصية تختلف عن الشخصيات في الواقع، الشخصيات في الحياة الواقعية يكونون غير مفهومين أحياناً، أما في القصة فيجب أن يكونوا مفهومين تماماً للقارئ.
- لا تكتب عن شخصيات ضعيفة، مسالمة، مهادنة، ليس لديها رد فعل، اكتب عن شخصيات قوية، تعيش الصراع وتكافح من أجل هدفها، لأن هذا يصنع أحداثاً ويدفع القصة للأمام.
- لا تتحاش المتاعب، أفضل أوقات القصة عندما تكون الشخصية في ورطة، حاول أن تثير خصومات وصراعات أكثر في قصتك أو روايتك.
- لا تفتعل حدوث أشياء لغير ما سبب، فالقصة يجب أن تكون منطقية أكثر من الحياة الحقيقية، حتى يصدقها القارئ، استخدام الحظ والمصادفات يمكن أن يدمر المنطق الظاهر في القصة.
- لا تنس المثير والاستجابة،، يجب أن يكون لدى شخصياتك أسباباً مباشرة لما تفعله.
- لا تنس من هو راوي القصة، تقمص شخصية وجهة النظر تقمصاً تاماً، واختر وجهة نظر تكون موجودة في أغلب الأماكن، حتى تغطي كل الأحداث، والأفضل أن تكون أهم شخصية في القصة أو الرواية.
- اجعل وجهة النظر واضحة، وذكِّر القارئ بها دائماً، تأكيدك على وجهة النظر يجعلك تتلافى كثيراً من المشاكل في التأليف، لا تكتب شيئاً في قصتك يجعل القارئ يعتقد أن وجهة النظر انتقلت إلى شخصية أخرى.
- لا تلق مواعظك على القارئ، لا تكتب مثلاً (( عزيزي القارئ)) ثم تخاطبه مباشرة وتلقي عليه المواعظ، إلقاء المواعظ يحرفك عن سرد الحكاية إلى التدريس، وهذا ليس عملك كقاص أو روائي. الكتاب يكتبون للإمتاع لا لتكريس أفكار، وإن حدث هذا فيكون من خلال السرد لا من خلال الوعظ.
- لا تدع شخصياتك تحاضر، فحين يهرب بعض الكتاب من الوعظ المباشر يلجؤون إلى جعل شخصياتهم تفعل ذلك بإقحام المعلومات إقحامًا، لا لخدمة الحكاية، بل لإرضاء المؤلف. تستطيع إدخال ما تريد من معلومات من خلال ابتكار طرق لذلك من خلال السرد.
- لا تجعل شخصياتك ثرثارة، الشخصيات الثرثارة سيئة في الواقع، وهي أسوأ في القصة.
- لا تفسد حديث شخصياتك، تجنب الكلام العامي الذي يشيع سريعاً ويختفي سريعاً، تجنب الإملاء الغريب وإسقاط الحروف للدلالة على سوء اللفظ، وكذلك تجنب الألفاظ الإباحية والحديث القذر، فهو على الورق أقذر منه في الواقع، وكذلك الحديث العنصري.
- لا تنس الانطباعات الحسية، اجعل القارئ يعرف مشاعر الشخصيات وكيف تفكر، حتى لا يضيع القارئ في قصتك.
- لا تخش من أن تقول (قال)، استخدم قال بلا محاذير، واستخدم أيضاً كلمات مثل (أخبر) (سأل) (أجاب) عندما عندما تكون طبيعية في السياق.
- لا تفترض أنك تعرف، تيقن من المرجع، حين ترد في قصتك معلومة عن شخصية حقيقية أو مكان أو زمان، تأكد أن معلومتك مطابقة للواقع، ابحث في المصادر والمراجع لتتأكد.
- لا تتوقف عن تسجيل الملاحظات، كن حاد المراقبة ودون كل شيء، ستستفيد من ه ذا الملاحظات في قصصك ورواياتك.
- لا تتجاهل بناء المشهد، لا تحذف شيئاً ولا تلخص المشاهد.
- لا تجعل المشهد ينتهي نهاية غير منطقية لا علاقة لها بالمشهد.
- لا تنس أن تجعل شخصياتك تفكر، شد الحبكة بشكل كبير لا يترك لشخصياتك وقتاً لالتقاط أنفاسها، أعطها وقتاً لتفكر كيف تتصرف، ووقتاً لإبداء مشاعرها.
- لا تهم على وجهك في الضباب، وحتى لا تقع في ذلك، خطط لقصتك أو روايتك قبل الشروع في كتابتها، واكتب بياناً مختصراً لقصتك لا يزيد عن 150 كلمة، والأفضل أن يكون أقل، حتى تسترشد به ولا تضيع.
- لا تقلق حول مسألة الوضوح، الوضوح في القصة مهم ولا يخاف منه إلا الكتاب الأغرار، ويجب أن تعرف أن ما يبدو لك واضحاً قد يكون مستغلقاً على القارئ، وأنت تكتب للقارئ ولا تكتب لنفسك.
- لا تسرف في نقد نفسك، الخوف من أن تكون كتابتك سيئة شعور طبيعي يمر به كل الكتاب، أنت وظيفتك أن تكون مبدعاً لا ناقداً، خاصة في المسودة الأولى، النقد الذاتي يأتي لا حقاً، فلا تنتقد نفسك أثناء الكتابة.
- لا تشغل نفسك برأي أمك أو زوجتك أو صديقك. امض في كتابتك.
- لا تختبئ من مشاعرك، اكتب كثيرًا من المشاعر القوية في المسودة الأولى، ثم نقحها لاحقاً، إن قصة باردة وعقيمة ولا عاطفة فيها، ويبدو فيها الإنسان آليًا بلا مشاعر، لن يقبلها القارئ.
- لا تعرض إنتاجك على الباخسين، فكثير ممن حولك يشعر بالحسد تجاهك، وبعضهم ذائقته رديئة.
- لا تتجاهل نصيحة أهل الحرفة.
- لا تلهث وراء السوق، فأحسن الكتب لا تجري وراء (الموضات)، بل هي التي تصنعها.
- دع الحركات الاستعراضية، الفت النظر إلى قصتك لا إلى نفسك، اترك عنك حشو قصتك بالصور المدهشة والشاعرية، التي تكون ثقيلة وغير مفيدة، وتصرف القارئ عن متابعة الحكاية.
- لا تبدد أفكار قصتك، إحدى الوظائف الإبداعية للروائي هي أن يبتكر عدد كاف من الأحداث في قصته، اطرح عديد من الأسئلة حول كل حادثة، اجعل الشخصية الواحدة تقوم بأدوار متعددة حتى يرتبط بها القارئ، بدلاً من أن تقوم بدور واحد ثم تختفي.
- لا تتعجل في التوقف، عملية كتابة قصة أو رواية عملية متعبة ومرهقة، لذلك يريد الكاتب أن ينهيها ويتخلص منها ليستريح، أو ليبدأ مشروعاً جديداً، وهذا خطأ فادح، راجع قصتك مراراً حتى تصل لأفضل صورة تخرجها بها، كن صبوراً.
- لا تستعدِ المحرر( دار النشر)، قدم له العمل بإخراج جيد وخط واضح وترتيب جميل، واكتب جميع بياناتك الشخصية وهاتفك وإيميلك بوضوح. إن لم تهتم بهذه الأمور ربما لن يلتفتوا إلى عملك مهما كان جميلاً.
- لا تستسلم، لا يتسرب الشك واليأس إلى نفسك، فقد يُرفض عملك، وقد حصل هذا مع كتاب كثيرين، حتى بعض الكتاب الكبار حدث معهم هذا في بداياتهم.
- لا تكتف بالجلوس هناك، عندما تنتهي من عملك وترسله إلى دار النشر، فهو إما أن يرفض أو يقبل، فإن رفض فحاول مع دور نشر أخرى وأثناء ذلك ابدأ بمشروع آخر ينسيك خيبتك، أما إن قبل، فابدأ بمشروع عمل جديد ونجاح جديد، لا تتوقف عن الكتابة.