الثقافية - علي القحطاني:
يرى رئيس جمعية الفلسفة السعودية د .عبدالله المطيري أن الفلسفة مصدر خاص للتأمل والمعرفة، وتجربة وجودية خاصة من المهم أن تتواجد في كل الثقافات، وأضاف: نطمح في جمعية الفلسفة لاستمرار مشروع المنح الفلسفية في نسخة قادمة ولدينا اليوم خبرات أكثر من المهم أن تتراكم وتساهم في تطوير التجربة وأجرت «الثقافية» لقاءً مع د.عبد الله المطيري وتحدث عن دور الكتابة الفلسفية في المشهد الثقافي السعودي ومشروع المنح الفلسفية الذي تتبناه وترعاه هيئة الأدب والنشر والترجمة ويستهدف الإنتاج المعرفي العميق ويدفع باتجاه إثراء المكتبة الإنسانية بالمزيد من المنتج الفلسفي وعلى الحرص على نموّ المجتمع الثقافي السعودي متمثلاً في المجتمع الفلسفي، كما تحدث د.المطيري عن تجربته لعقدين من الزمان مع الفلسفة وعن الآمال والآفاق لجمعية الفلسفة السعودية والخطط القادمة لمشروع المنح الفلسفية في نسخته الثانية.
«دور الكتابة الفلسفية»
* بداية كيف ترى دور الكتابة الفلسفية في المشهد الثقافي السعودي؟
* الكتابة الفلسفية أساسية في تأسيس مجتمع فلسفي سعودي قادر على الإنتاج والمساهمة في الثقافة العامة، الكتابة عمل احترافي دقيق يكشف بوضوح مستوى إتقان المعرفة الفلسفية والإبداع فيها بطريقة تختلف عن مباشرة المشافهة، الكتابة تتطلب الوقت والصبر والانكشاف الكامل أمام القارئ وكذلك تراهن على الزمن باعتبار أن هذا الأثر المدوّن قادر على البقاء ربما للأبد، نقرأ اليوم لأفلاطون الذي عاش قبل 2400 سنة ولو لم يدوّن لأستاذه سقراط لفاتنا كثير من الفلسفة في عصرهم. من المهم أن ننتج أعمالاً مكتوبة تأخذ بعين الاعتبار المعايير العلمية الدقيقة وأن لا نكتفي بالمشافهة الحضورية.
«الفلسفة والمراجعات الجذرية»
* تطرح بشكل كبير ومكثف دور الفلسفة، لماذا الإصرار على الفلسفة بالذات؟
* الفلسفة مصدر خاص للتأمل والمعرفة. تجربة وجودية خاصة من المهم أن تتواجد في كل الثقافات. الحالة السعودية كانت استثناءً لأنها منعت الفلسفة ولهذا كانت المطالبات خاصة بهذا المجال، وإتاحته، وبالتالي إتاحة الفرصة للمهتمين به للمشاركة في عالم المعرفة وعالم الثقافة. لدى الفلسفة طبيعة خاصة تدفعها باتجاه المراجعات الجذرية للمواقف والأفكار والتصورات وبالتالي فهي رافد أساسي للفكر الإنساني ومن المهم تواجدها في كل الثقافات.
«مشروع المنح الفلسفية»
* كيف يُقيّم رئيس جمعية الفلسفة السعودية، المشاريع الثقافية السعودية وبالأخص مشروع المنح الفلسفية؟
* مشروع المنح الفلسفية مشروع مهم وأساسي باعتبار أنه يستهدف الإنتاج المعرفي العميق ويدفع باتجاه إثراء المكتبة الإنسانية بالمزيد من المنتج الفلسفي الذي يكتبه السعوديون هذه المرّة. رعاية هيئة الأدب والنشر والترجمة لهذا المشروع شاهد على الحرص على العمل الثقافي الأساسي وعلى الحرص على نموّ المجتمع الثقافي السعودي متمثلا ًفي المجتمع الفلسفي.
«غياب البحث الفلسفي»
* هل هناك غياب للبحث الفلسفي والباحث الفلسفي؟
* لا توجد أقسام فلسفة في الجامعات السعودية. هذه حقيقة تعني أن البحث الفلسفي في السعودية يعتمد على الاجتهاد الفردي. لا زلنا ننتظر افتتاح أول قسم فلسفة في السعودية بحيث يتوفر التأهيل الأكاديمي لمن يرغب في ذلك. إلى ذلك الحين نحاول في جمعية الفلسفة سدّ هذه الثغرة من خلال برامج تستهدف المهارات الفلسفية الأساسية ومن ضمنها مهارة الكتابة الفلسفية كما في برنامج المنح الفلسفية.
«الفلسفة والمشاكل الاجتماعية»
* هناك من يقول إن الفلسفة تركز على المستوى الثقافي وتتجاهل المستوى الاجتماعي وتغفل المشاكل الاجتماعية. كيف ترى هذا الرأي؟
* الفلسفة الاجتماعية جزء أساسي من البحث الفلسفي، وفلاسفة الاجتماع مثل ماركس وكونت ودوركهايم وماكس فيبر وغيرهم كثير شاهد على هذا الأمر. لكن الاهتمام الفلسفي بالظاهرة الاجتماعية له طابعه الخاص باعتبار أنه يستهدف البنى الأولى للوعي الاجتماعي وهو ما قد يبدو تجريدياً وبعيداً عن الواقع عند البعض.
«عقدان من الزمان مع الفلسفة»
* كيف ينظر عبدالله المطيري إلى أوراق العمل والمقالات التي كتبها قبل عقدين من الزمن وصولاً إلى كتابك الأخير فلسفة الآخرية؟
* تأمل الكاتب في تاريخ إنتاجه حالة خاصة تستحق التأمل. أعتقد أنه يمكن تتبع رحلة في كتاباتي السابقة لها علاقة مباشرة بنموي الشخصي وانتقالي من مراحل متعددة تعكس محاولاتي للتعاطي مع هذا العالم وفي ذات الوقت تأثير الأحداث والظروف التي مرت بنا جميعاً على هذا التعاطي. بدأت الكتابة المنتظمة في 2005 وكانت الأحداث السياسية والاجتماعية تفرض نفسها على الكاتب الذي يريد أن يكون صادقاً مع نفسه لذا كانت الفلسفة لدي مرتبطة بالتعاطي مع تلك القضايا ومحاولة المساهمة في تجاوز المجتمع السعودي لأزمات فكرية حادة. اليوم ومع التطورات الكبيرة في مجالات الحقوق الأساسية وبعد خبرة الابتعاث المهمة أصبحت أكثر ميلاً للإنصات للتجربة الإنسانية البسيطة والمباشرة لمحاولة تأملها والاستعانة بها على التعاطي مع الوجود.
«فلسفة النخبة»
* هناك من يرى أن الفلسفة للنخبة وعصيّة على الترويج، وأنها التخصص الأقل ترحيباً؟
* لا أظن هذا صحيحاً. الفعاليات والأنشطة الفلسفية عليها إقبال كبير متى ما كانت تمثّل عملاً جاداً ومتقناً. مؤتمر الفلسفة شاهد على هذا الاهتمام. لكن من المهم ألا ننساق خلف منطق الأرقام المجردة والتسابق الشكلي في التسويق والترويج للعمل الفكري.
«جمعية الفلسفة السعودية»
* ما الآفاق التي تتمناها لجمعية الفلسفة السعودية؟
* أتمنى للجمعية قدرة أكبر على تحقيق أهدافها من خلال خلق فرص أكثر للمهتمين بالمجال الفلسفي. أتمنى أن يكون هناك برنامج أكاديمي يساعد على تأهيل ذوي الاهتمام بالمهارات الأساسية. وأن تساهم الجمعية أكثر في تعميق التواصل بين أشكال المعرفة المتنوعة سواء في العلوم الطبيعية أو العلوم الإنسانية وكذلك الفنون والآداب المختلفة.
« مستقبل الفلسفة»
* ماهي الخطط القادمة لمشروع المنح الفلسفية في نسخته الثانية؟
* نطمح في جمعية الفلسفة لاستمرار مشروع المنح الفلسفية في نسخة قادمة. لدينا اليوم خبرات أكثر من المهم أن تتراكم وتساهم في تطوير التجربة. نطمح لمشاركة أسماء جديدة ومواضيع جديدة وبالتالي دفعة جديدة من الباحثين والباحثات يقدمون معهم أعمالاً جديدة تساهم في الحراك الفلسفي الذي ننتمي له جميعاً. نطمح لتقديم نسخة جديدة أفضل على مستوى التنظيم والإشراف والخدمات المقدمة للباحثين وبالتالي أعمال فلسفية أكثر جودة.
** **
@ali_s_alq