عبود بن علي ال زاحم
تتزاحم وتتنافس المواقع الإلكترونية ومكاتب التوظيف لتقديم النصح والإرشاد للباحثين عن عمل أو فرص وظيفيةٍ إضافية من خلال آلاف الأفكار ومئات الاستراتيجيات والطرق الذكية المكررة، إلا أن الأستاذ الجامعي والخبير ويليام بريدجز له رأي آخر في مساعدة الباحثين عن عمل أو من هم على رأس العمل.. لم يحدثنا عن كيف نجد وظيفة ولكن حدثنا عن كيف نجد عملاً.
يقول بريدجز في كتابه «تأسيس أنت وشركائك.. كيف تجد عملاً في عالم بلا وظائف» هناك بون شاسع بين الوظيفة والعمل، فقبل الثورة الصناعية، لم يكن للناس وظائف. بل كانوا يعملون فقط.
ويضيف أن بيئة العمل أصبحت متخمة بالعمل ولكنها خالية من الوظائف، وسواء كنت بلا عمل، أو كنت تحاول شق طريقك في الحياة من خلال وظيفة دائمة، فإننا ندعوك، بل ونرجوك أن تتخلى عن عقلية الموظف. فالأمان الحقيقي لا يأتي من التعلق بأهداب الوظيفة الحكومية، أو من الوظيفة المعتبرة التي ستجدها في كثير من مؤسسات القطاع الخاص، بل يتحقق من خلال إيجاد عمل يضيف قيمة للمجتمع الذي تعمل فيه ولك شخصياً.
لتجد مثل هذا العمل، يجب أن تعتبر نفسك مديراً تنفيذياً لحياتك، ورئيس مجلس إدارة لمستقبلك. أي أنك من الآن فصاعداً مدير عام شركة جديدة لا يملكها ولا يديرها ولا يعمل بها سواك. واسمها: «أنت وشركاؤك» وكمدير تنفيذي لهذه الشركة التي هي «أنت فقط» لا بد من أن تستنفر مواردك ومؤهلاتك، وأن تجد سوقا مناسبة لك، وأن تصنع وتبيع منتجاتك وخدماتك. فعاجلاً أو آجلاً، فإن الوظيفة المحددة التي تعيش عليها، ستتسرب من حياتك.
هناك متغيرات أجبرت المنظمات على تغيير طريقة تقسيم العمل فيها، وهي: العمل المعرفي الذي يحتاج إلى معالجة معلومات، والتكنولوجيا التي ساعدت الناس على أداء عملهم من أي مكان، وسرعة التغيير، إضافة إلى موجات الإدارة وتتابع مبادرات ونظريات الإدارة الحديثة، وتفكيك المنظمات وتقسيم الإدارات الوظيفية التقليدية إلى عمليات وأنشطة يستقل بعضها عن بعض.
الشركات تبحث عن بدائل مرنة ومتحركة لتحل محل العاملين المكبلين بسلاسل الوظيفة التي بدأنا نقرأ نعيها كل يوم في مذكرات الرفت الرسمية، وتشريعات المعاش المبكر، وقرارات بيع الشركات العامة.
ولتحقيق أمنك الوظيفي في عالم اللاوظائف يجب أن تتبنى استراتيجية جديدة تقوم على إيجاد العمل الذي تحتاجه الشركات. وأفضل طريقة لابتكار الأعمال الجديدة هي أن تتوقف عن التفكير كموظف، وأن تعتبر نفسك رجل أعمال مستقلًا واعتبر كل الشركات وكل الناس عملاء محتملين لك، بصفتك شركة قائمة بذاتها. ومن الآن فصاعداً امنح نفسك اسماً تجارياً. أطلق على نفسك: «أنت.. وشركاؤك» أو «أنا.. وشركائي».
يجب أن تعرف أولاً المؤهلات التي ستقدمها للسوق وأن أول ما يمكن أن تفكر فيه هو أن تراجع سيرتك الذاتية وتستخدمها كمرشد لتحديد مؤهلاتك. فالمؤهلات الجديدة التي تبحث عنها الشركات هي: (رغباتك، وممتلكاتك من تعليم وتجارب وخبرات، وقدراتك، وملكاتك).
ليس من الضروري أن تكون «أنت.. وشركاؤك» شركة خاصة بك أو مكتباً تديره. فالمقصود هنا هو أن تدير مهنتك وحياتك العملية وكأنها شركة مستقلة،.. «أنت.. وشركاؤك» تعني طريقة تفكير ونظرة جديدة إلى مهنتك أكثر مما تعني شركة ذات صفة اعتبارية أو أنها هيكل تنظيمي حقيقي. وأن تصبح مديراً تنفيذياً لمؤسسة «أنت وشركاؤك» لا يعني أنك يجب أن تتعلم كيف تنشئ وتدير مشروعاً صغيراً. بل يعني أنك أنت شخصياً مشروع قائم بذاتك وتحتاج إدارة على مستوى رغباتك وقدراتك وملكاتك سواء كنت بلا وظيفة، أو على وشك الحصول عليها، أو كنت موظفاً بالفعل، أو أنك موظف منذ زمن وتفكر في الاستقالة وبدء مشروع جديد.
ختاماً: الوظائف لم تتلاشَ تماماً من عالمنا المعاصر، ولكنها في طريقها للتلاشي. وما سيبقى من الوظائف التقليدية التي نعمل فيها من الصباح إلى المساء كل يوم، ستمنح للعمالة المؤقتة التي تعمل بأجور متدنية. ولكن توجد أعمال كثيرة تنتظر من سيبادر إليها ويؤديها. هذه الأعمال لن تجدها في صفحات ومواقع إعلانات الوظائف الخالية، ولن يخبرك أحد بوجودها. فهي عبارة عن مشكلات واحتياجات كامنة في كل مكان يمكن أن تتخيله، وفي كل زمان يمكن أن تعيشه..