د. محمد بن إبراهيم الملحم
أواصل اليوم ما بدأته حول كيف يمكن للطالب أن يتخذ قراراً صائباً حول تخصصه، وبعد أن أشرت إلى دور الوالدين والمعلمين في هذا الشأن وكذلك واجب المؤسسة التربوية في توعية وتثقيف هؤلاء، فإني أقدم اليوم طريقة مهمة تفيد الطالب في تكوين صورة صحيحة عن ذاته من حيث شخصيته وتناغمها مع بعض المهن التي يطمح لها هو الاختبارات المتخصصة، وهو موضوع مطروق ومخدوم في الأدبيات الأجنبية حيث تم إعداد اختبارات سيكومترية تساعد الطالب على فهم ذاته وشخصيته وما يناسبها من المهن، الأمر الذي يساعده على أن يتخذ قراراً مناسباً ليدرس شيئاً يحبه ويحب العمل فيه، وليس بالضرورة أن يكون هو أشد ما يحبه هذا الطالب فقد يكون ما يحبه جداً شيئاً ليست له فرص وظيفية واعدة، لكنما الاختبارات السيكومترية المتخصصة ستكشف أيضاً التخصصات الأخرى ذات الفرص المعقولة والتي هي أيضاً ضمن نطاق ملكاته وقدراته ويمكن أن يتآلف معها أكثر من الفرص الشائعة، فإذا أخذ بهذه التخصصات فقد يبدع فيها، والإبداع فيها أفضل من أن يقسر نفسه على تخصص شائع لكنه الأقل مناسبة له أو ربما عكس ما يناسبه، ثم يفشل ويغير التخصص بعد سنتين أو ثلاث من التجربة المريرة، وهذا أمر مشاهد كثيراً وأجزم أن كل واحد منا شهده «أكثر من مرة».
هذه الاختبارات السيكومترية وباكجات النصيحة Career Counselling Package لا تجدها بوفرة باللغة العربية مع الأسف، وأشهرها اختبار جون هولاند John Holland للتفضيل المهني Career Preference، واختبار مايرز بريجز Myers-Briggs. للسمات الشخصية، وقد تم تعريبهما لغوياً ويمكن العثور عليها عبر الإنترنت بسهولة، وينبغي العمل على مشروع يقوم بتغطية هذا الجانب بشكل مقنن ومدروس، وكذلك ينبغي تعميق مزيد من الدراسات العلمية العربية والسعودية بشكل خاص لكي تتوفر لدينا اختبارات مقننة محلياً، أي مناسبة لظروف وبيئة المملكة وعاداتها وتصورات الناس فيها، حيث إن الاختبارات المتوفرة بنيت في الغرب وهي بيئة مختلفة، فلها بعض المواصفات غير المتوفرة لدينا سواء لاختلاف الثقافة أو لاختلاف الموارد، وبالتالي فإن بعض الأسئلة تتناول هذه المواصفات مما يجعلها غير ذات معنى للطالب العربي أو السعودي، وبالتالي تمثل إجابته عنها بطريقة مغايرة لما يتوقعه الاختبار (وكذلك تعديل تلك الأسئلة ذاتها بشكل اجتهادي) تشويهاً لسمات الاختبار السيكومترية وإخراجاً له من إطاره العلمي الدقيق الذي بني وقنن على أساسه، وهذه ممارسة يفهمها المتخصصون في علم الاختبارات والقياس والتقويم التربوي، ولذلك ينبغي أن تقنن هذه الاختبارات في البيئة السعودية، بل ويتم تجديدها كل 5-10 سنوات بسبب التغير السريع لظروف ومواصفات المجتمع، كل ذلك لتقدم الاختبارات نتائج أكثر قربا من الواقع ومطابقة لحال الشخص المؤدي للاختبار. وعلى أية حال فإنه لابد من تقديم واجب الشكر للمركز الوطني للقياس والتقويم لقيامه بعمل مقياس للتفضيل المهني بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية (هدف) ووضعه على موقع المركز الرسمي ورابطه كالتالي لمن يود الإفادة منه: https://www.etec.gov.sa/ar/productsandservices/Qiyas/CommStandards/Pages/Professional.aspx
** **
- مدير عام تعليم سابقاً