أسامة الفريح التميمي
يعدّ المورد البشري المتعلم والمهني مقياساً حقيقياً لثروة الأمم والشعوب، باعتبار أن الشباب المتعلم والمتدرب هو المحرك الأساس للحياة الاقتصادية والاجتماعية للدول، وتعد درجة كفاءة المورد البشري وخاصة من الطلاب والخريجين العامل الحاسم المحقق للتقدم العلمي والاقتصادي والاجتماعي، ومن هذا المنطلق تأتي أهمية العناية بالتعليم المهني، والتدريب للمتعلمين والخريجين، فالجانب الأول من أهمية التعليم المهني هو جانب اقتصادي ويتمثل في تأهيل الشباب بالمعارف والمهن اللازمة لسوق العمل، والتي تؤهلهم للحصول على الوظائف نتيجة امتلاكهم القدرات والمهارات اللازمة.
أما الجانب الثاني من الأهمية للتعليم المهني فهو الجانب الاجتماعي ويتمثل في أن التعليم المهني ينمي قدرات الفرد الذهنية والفكرية ويكسبه الأنماط والقيم السلوكية المتوازنة، أما الجانب الثالث للتعليم المهني فهو الجانب الابتكاري، حيث إن التعليم والتدريب المهني يوفر للشباب فرص التعليم والعمل والبحث والابتكار والاختراع والتطوير، بما يسهم في إحداث نقلة حضارية وتقدم تقني في مجالات الحياة المختلفة للمجتمع. ولا ننسى هنا أن نذكر أن التعليم المهني كان ولا زال هو مفتاح تقدم الدول المتقدمة مثل اليابان وألمانيا على سبيل المثال لا الحصر.
ومن منطلق الشعور بأهمية التعليم المهني، نرى ضرورة الاستمرار به في مراحل ما بعد التعلم الأساسي، ودراسته ضمن مراحل التعليم الجامعي، حيث تعد الجامعات من أهم المؤسسات التي تقود عمليات التغيير الاجتماعي والتنمية المستدامة في المجتمع، ويمكن الاستفادة من النظام الجديد للجامعات السعودية الذي يعتبر قفزة نوعية في مسيرة التعليم الجامعي السعودي، وهو أحد البرامج التي تسعى لتحقيق «رؤية 2030»، من خلال إعادة النظر في التخصصات الجامعية الحالية وتطويرها لتتوافق مع احتياجات سوق العمل، والاستخدام الأمثل للموارد البشرية والأكاديمية والإدارية، حيث يوفر نظام الجامعات الجديد البيئة التشريعية المناسبة لقيام الجامعات المهنية، سواء بصورة مستقلة كجامعة جديدة، أو افتتاح فروع لها من جامعات قائمة، ومثال ذلك أولاً: إنشاء جامعة مهنية تستهدف مهن النفط والغاز والبتروكيماويات؛ ويؤمل بالتالي أن تكون برامجها مختصة بمجال تجارة وصناعة النفط والغاز والبتروكيماوية. وثانياً: اقتراح جامعة مهنية تختص بمهن القطاع المصرفي؛ تكون مقرراتها مختصة بمجال المال والأعمال، وبرامج العلوم الاقتصادية، وبرامج الإبداع الإداري. وثالثاً: جامعة المهن الفنية؛ وتكون برامجها مختصة بمجال المهن الفنية اللازمة للحياة اليومية مثل: برامج التكييف والتبريد، وبرامج الكهرباء، وبرامج الإلكترونيات. ورابعاً: جامعة مهن الطاقة الحيوية والمتجددة، وتهتم ببرامج: الطاقة المتجددة، تقنيات الذكاء الاصطناعي، المحافظة على الحياة البرية والبحرية.
ولا شك أن تأسيس الجامعات المهنية وإقرارها يتطلب تفعيل وتحسين العلاقة بين الجامعة وسوق العمل بمؤسساته الإنتاجية المختلفة، ونشر ثقافة الشراكة ما بين التعليم العالي والقطاع الخاص والأعمال، بحيث تتفق مخرجات هذه الجامعات مع متطلبات سوق العمل الفعلي، وتلبي الاحتياجات الضرورية للفرد والمجتمع بما يسهم في تحقيق نهضة اقتصادية علمية ومهنية حقيقية للمملكة العربية السعودية تواكب رؤية المملكة 2030 وتحقق تطلعاتها في تعليم مهني ومتطور يلبي كافة الاحتياجات.