د. مساعد بن سعيد آل بخات
بقاء المجتمعات على القناعات والأفكار السابقة نفسها منذ سنوات عدة لن يكفل لهم المضي قُدمًا لإفادة أفرادها، لأننا في عصر يتصف بسرعة التغيرات والأحداث التي تؤثر في المجتمعات، الأمر الذي يتطلب من المجتمعات أن تتواكب وتتأقلم معها، لذا يقال: إن لم تتغير فأنت تتقادم.
فتسعى معظم المجتمعات إلى تطوير أنظمتها وتغيير إستراتيجياتها من أجل تنمية المجتمع في شتى المجالات التعليمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعسكرية بما يضمن للأفراد الحصول على حياة كريمة وآمنة في ظِل الإضرابات المتنوعة التي تحدث في العالم.
فما هي التنمية وما أنواعها وما أهدافها وما مقوماتها وما نظرياتها؟
التنمية هي عملية مقصودة ومخطط لها تتضافر فيها جهود الأفراد والمجتمع بمختلف مؤسساته (الأسرة، المدرسة، المسجد، وسائل الإعلام، النوادي الرياضية ..إلخ) للحصول على نتائج إيجابية خلال فترة زمنية محددة.
وللتنمية أنواع عدة منها:
أولًا: التنمية الطبيعية، وتعنى بالتجديد في الموارد الزراعية وموارد البترول واستخراج عناصر جديدة مفيدة للطبيعة.
ثانيًا: التنمية البشرية، وتعنى بتمية عقل الإنسان بالعلوم المختلفة لرفع قدراته ومهاراته في كافة مجالات الحياة والعمل.
ثالثًا: التنمية المتكاملة، وينتج عنها زيادة فرص حياة بعض الناس في مجتمع ما دون نقصان في فرص حياة البعض الآخر في الوقت نفسه.
رابعًا: التنمية المستدامة، وتعتمد على تحقيق أهداف التنمية استنادًا إلى مبادئ الحكم الرشيد بما يتوافق مع احتياجات المجتمع وإمكاناته الاقتصادية والاجتماعية والفكرية دون الإضرار بالبيئة والتراث الإنساني وحقوق الإنسان وموارد الأجيال القادمة.
وتهدف التنمية إلى تحقيق عدد من العناصر التي من شأنها أن تعود بالفائدة على الفرد والمجتمع، ومن هذه الأهداف ما يأتي:
أولًا: حُسن استغلال الموارد الاقتصادية المتاحة للدولة.
ثانيًا: زيادة الدخل القومي للدولة.
ثالثًا: زيادة في متوسط نصيب الفرد من الدخل.
رابعًا: تحقيق الرفاهية والسعادة وإشباع الحاجات لجميع أفراد المجتمع.
خامسًا: إحداث تغيير حضاري في جميع مجالات المجتمع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والتعليمية والثقافية ..إلخ.
ومن الجدير بالذكر بأنَّ للتنمية ثلاثة مقومات أساسية تعتمد على توفرها في أي مجتمع لكي تتحقق التنمية المستدامة بها، وهي:
أولًا: مقومات بشرية (من أصحاب الكفاءات والإمكانات والقدرات العالية التي تُسهم في بناء المجتمع مثل علماء، خبراء، باحثين، مفكرين، مثقفين، موظفين منتجين، أيدي ماهرة، ربات أُسر يغرسون في أولادهم حب الوطن والمشاركة في بنائه ..إلخ).
ثانيًا: مقومات مادية (من موارد الدولة المتنوعة التي يتم استخراجها من الأرض لتعود بالفائدة على الفرد والمجتمع مثل: نفط، غاز، صناعات ثقيلة وخفيفة، زراعة النباتات المثمرة، إنتاج المعرفة، منشآت صغيرة ومتوسطة وكبيرة ..إلخ).
ثالثًا: مقومات معنوية (من الأمور التي ليست مادية أو ملموسة لكن يبقى لها تأثير إيجابي كبير على الأفراد في المجتمع، مثل: الاعتزاز بالدين الإسلامي، الاقتداء بسيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في إخلاصه بالعمل ليصل لدرجة الإتقان كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (إنَّ الله يحب إذا عمل أحدكم عملاً أن يتقنه)، إيجابية الفرد نحو نفسه والآخرين من حوله، الثناء على السلوكيات النافعة لتعزيزها، الإنجازات المتتالية للأفراد المستوى المحلي والعالمي ..إلخ).
وهناك نظريات عدة للتنمية أهمها نظريتان وهما:
أولًا: نظرية التحديث، وتفسر التنمية على أنها عملية التخلي عن الأنماط التقليدية وتبني النمط السائد في الدول الرأسمالية المتقدمة.
ثانيًا: نظرية التبعية، وترى بأن استمرار اعتماد الدول النامية على الدول المتقدمة يؤدي إلى استمرار نمط التبعية وبالتالي تبقى الدول النامية في دوامة التخلف للتأثير السلبي للدول المتقدمة على الأوضاع الاقتصادية بها.
ختامًا..
تنمية المجتمع تنبع من أفراده.