د.شامان حامد
التجارة، إحدى ركائز النمو الاقتصادي السعودي؛ وهدف الدولة الرشيدة وحكومتها لزيادة مساهمة التجارة الحديثة والتجارة الإلكترونية إلى 80 % في قطاع التجزئة بحلول عام الرؤية 2030 ، حيثُ تسير السعودية على مسار صحيح للتنوع والانتقال لعصر ما بعد النفط، وتحول اقتصادي من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد مخطط وصولاً لاقتصاد موجه نحو السوق، وبالتالي كان نمط الإدارة الاقتصادية والتنظيمية في المملكة جاد ومتكامل وفق خطط مدروسة وضعت التحديات أمامها، وفق هيئات ولجان عمل منظمة ومُشرفة على كافة الأعمال والقطاعات الاقتصادية بتنوعها لتحقيق أربع وظائف أساسية من تطبيق تنظيمي للوائح ومنها الجزاءات والمخالفات، ثُم حماية مصالح المستهلكين والمستثمرين على حد سواء، فزيادة نمو وجاذبية الاستثمارات بأنواعها وفق مبدأ المنافسة والتنافسية، وأخيراً تحسين مؤشرات النمو الكلي للقطاع الاقتصادي، ولذلك نجد نمو التجارة الإلكترونية في أعلى مستوي تاريخي لها أواخر مارس2022؛ بقيمة مبيعات 9.98 مليارات ريال في شهر واحد، أي ما يعادل 2.65 مليار دولار (بمتوسط شراء يومي قيمته 27.36 مليون ريال).. بمعنى أنها المبيعات قفزت خلال عام كامل بنسبة 88.08 %، بزيادة قدرها 4.68 مليارات ريال بعد أن كانت قيمتها في مارس الماضي 5.31 مليارات ريال.
إن التجارة الإليكترونية رغم النهضة الملحوظة لها، إلا أنها تواجه تحديات أربع تواجه المستهلكين كعدم وضوح سياسات الضمان والصيانة، وضعف وجود خدمات التوصيل لبعض مناطق المملكة، وصعوبة أو تأخير المتاجر ومنصاتها في معالجة خدماتها الالكترونية كالشكاوى، ورد المبالغ المالية لمُستحقيها، وفق استبيان وزارة التجارة السعودية بمشاركة 6 آلاف مستهلك، حيثُ تتطلع الحكومة، إلى زيادة نسبة المدفوعات عبر الإنترنت إلى 70 % بحلول عام 2030 .. وأطلقت الوزارة 10 مبادرات لتطوير قطاع المتاجر الإلكترونية والتغلب على عقباتها للارتقاء بالخدمات التي يقدمها القطاع.
ومن التجارب الناجحة قطاع الأسواق المالية رغم ما يعتريه من عقبات مؤخراً بإفلاس عدد من البنوك الأمريكية أثرت على الاقتصاديات المالية بأنواعها ولم تؤثر -ولله الحمد - على بنوكنا الوطنية، فهي نموذج متفوق من حيث النتائج الاقتصادية والمالية وفق الإصلاحات التي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ووجود جهات إشرافية وتنظيمية مختصة.. وقد ينجح ذلك إذا تم تأسيس هيئة للتجارة الداخلية تتولى تحقيق أهداف ووظائف الهيئات وفق المنظور الاقتصادي للرؤية، وبما يُسهم في صناعة سياسات قطاعية متسقة ومنسجمة وصولاً للتنفيذ.