إيمان حمود الشمري
قبل فترة.. انتشر مقطع للأمير خالد الفيصل، انتقد فيه من يخلط مفرداته، وبالرغم من أنه خريج جامعة أكسفورد، إلا أنه رعى مبادرة للاعتزاز باللغة العربية، لأنه يؤمن أن اللغة هوية، وأن أي خلط يعتبر تناقضا واهتزازا بمفهوم الثقافة. فجيعة أن تبحث عن مفردات بديلة لإنقاذك في المحافل وأن تنتمي للغة الضاد الغنية بالمفردات!!
لغتك وزيك وعاداتك وتقاليدك وتصرفاتك وحتى مذاقك، كل هذه الأمور تشكل ثقافتك وتعزز انتماءك، فالتنوع جميل، والانفتاح على الثقافات الأخرى لاشك أنه وعي وسعة أفق بشرط ألا تجردك من هويتك الأساسية.
أثناء سفري للصين التقيت رؤساء مجلس إدارة لايتحدثون الانجليزية، اصطحبونا في جولات لأكبر الشركات لديهم والتقينا مديري تلك الشركات وكانوا أيضاً لا يتحدثون الإنجليزية!! في كل جولاتنا كان يرافقنا مترجمون باللغتين العربية والإنجليزية لأن الكثير منهم لا يتحدث الإنجليزية، ورغم ذلك وصلوا وارتفعوا وجذبوا أنظار العالم ولم تعق اللغة مسيرة تنميتهم، وبغض النظر إن كان ما يحدث لديهم صحيحاً أم لا ولكن الذي لفت نظري أن لغتهم في كل مكان هي الحاضرة، في المطاعم والمقاهي والأماكن الترفيهية والشركات، اللغة الصينية هي المعتمدة كلغة أولى للتواصل وهذا الأمر يحسب لهم.
يعز علي أن ُتقدم لي قائمة الطعام في أحد مطاعم الرياض باللغة الانجليزية دون ترجمة، ويستفزني مشهد أن تكون سعودياً والموظف سعودياً ويضطر لترجمة الأطباق لك وأنت في داخل بلدك!! يعز علي أن أزور أحد المعارض الكبري التي ترعى مشروعاً ضخماً وتضع لوائح لأهم النباتات المستخدمة كلها باللغة الإنجليزية دون ترجمة!! وتستفزني الرسائل التي تصلني من النادي الصحي الذي أحمل عضويته، إذ كل العروض والتهاني بمناسباتنا الخاصة والوطنية باللغة الإنجليزية!! التمسك باللغة الذي رأيته بالصين جعلني في وضع مقارنة دائم، إذ لم أجد حتى طفلاً صينياً يتحدث الإنجليزية دون لغته الأم!!
لا ننكر أهمية اللغة الانجليزية بتسهيل التواصل، ولسنا ضد أن نمد جسوراً باستخدام لغة أجنبية تسهل التعاملات مع الجنسيات الأخرى، ولكن أن تكون اللغة بديلاً للغتنا العربية فهذا أمر غير مقبول إطلاقاً. استوقفني قرار مجلس الشورى الذي وافق على مشروع (نظام تعزيز استخدام اللغة العربية) من خلال إلزام الجهات الحكومية وغير الحكومية باستعمالها، ووضع ضوابط محددة لحالات خاصة، وذلك بهدف زيادة اعتزاز أفراد المجتمع بلغتهم العربية بصفتها إحدى الركائز التي تساهم في تشكيل هوية المجتمع السعودي. هذا القرار خطوة مهمة في فرض اللغة العربية وتحفيز حتى الزائر على تعلم ولو بعض المفردات البسيطة الأساسية لنشر ثقافتنا العربية بين الشعوب، فكل الشكر لهذا القرار الذي أنعش ونقل ذاكرتي من مقارنات محبطة إلى مقارنات فخر واعتزاز..