تُشكل الوثائق الركيزة الأساسية في تدوين التاريخ والعمود الأهم فيه إلى جانب الروايات الشفهية والنقولات، ولا يُستغنى عن الوثائق في الروايات الشفهية فتكون الوثائق مستنداً وتأكيداً لصحة الرواية من عدمها. وفي منطقة نجد يقل التدوين والتوثيق بسبب قلة المتجهين للتعلمِ آنذاك وانهماكهم بشظف العيش والحياة إلى جانب عدم الاستقرار الأمني في المنطقة، مما جعل توثيق التاريخ مهملاً لسنوات عدة، ففقدنا بذلك الكثير من الأحداث والوقائع التاريخية في المنطقة، فأصبحت الوثائق المحلية هي المصدر الرئيسي لعدد من الحقب التاريخية الماضية إضافة للوثائق الأجنبية العثمانية منها خصوصاً والوثائق المحلية هي وثائق أحكام شرعية غالباً فتختلف بين البيوع والتملك والشهادة ونحو ذلك، ومن هذه الوثائق وثيقة شهادة الأمير مشاري بن عبد العزيز العنقري بنسب عبدالله بن نويصر وقرابته بامرأة في بلدة نعام، التي يُفهم من الوثيقة وجود تركة لها آلت إلى عبد الله بالعصبة).
وقد نشر علامة الجزيرة الشيخ حمد الجاسر (ت 1423هـ/ 2002م) هذه الوثيقة في مجلة العرب في عدد الجمادين 1411هـ ديسمبر/ يناير 1990م - 1991م؛ تعقيباً على سقوط اسم أسرة آل نويصر العنقري سهواً من كتابه جمهرة أنساب الأسر المتحضرة في نجد، كما ورد اسم آل نويصر ضمن الأسر العنقرية في كتاب كنز الأنساب ومجمع الآداب للشيخ القاضي حمد الحقيل (ت 1429هـ/ 2008م).
نص الوثيقة:
بسم الله الرحمن الرحيم
يعلم من يراه بأن بنت راشد العنقري التي في نعام أقرب من يصير لها عبد الله بن نويصر ولد عمها الذي ساكن في المزاحمية وهو أقرب من يصير لها من العناقر حتى لا يخفى قال ذلك ممليه مشاري بن عبدالعزيز العنقري وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم 1309هـ.
ثبت لدي ما ذكر أعلاه بشهادة الكاتب عبدالله بن عبدالرحمن الحوطي وهو عدل ثقة معمول بخطه قاله كاتبه محمد بن عبداللطيف بن عبدالرحمن 1336هـ.
ترجمة المذكورين في الوثيقة :
1- محمد بن عبد اللطيف بن عبد الرحمن (ت 1367هـ/ 1948م)؛ من أسرة آل الشيخ، وهو الشيخ العلامة، تولى قضاء الرياض وكانت له يد طولى في التوحيد والتفسير والحديث والفقه وآلت إليه الفتوى في نجد وكان أول خطيب لعرفة في العهد السعودي، وهو جد سماحة المفتي الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ وجد والد شيخنا الدكتور هشام بن عبد الملك آل الشيخ وغيرهما، وقد كتب بخط يده أسفل الوثيقة مثبتاً ما فيها.
2- مشاري بن عبد العزيز العنقري (ت 1322هـ/ 1904م)؛ أشهر أمراء ثرمداء بعد إبراهيم بن سليمان، كان أميراً على ثرمداء مدة ثلاثين سنة وهو شهير في التاريخ النجدي الحديث وله قصة مشهورة، أملى هذه الوثيقة مثبتاً بها قرابة عبد الله بن نويصر ببنت راشد العنقري.
3- عبد الله بن نويصر (ت 1349هـ/ 1930م)؛ عبد الله بن نويصر العنقري، خرج من ثرمداء فتنقل بين البلدات حتى طاب له في المزاحمية بإقليم العارض في نجد أواخر القرن الثالث عشر الهجري، والوثيقة تذكر نسبه العنقري ومكان سكنه وقرابته ببنت راشد العنقري.
4- بنت راشد العنقري؛ غير معروف اسمها الأول ولا بقية اسم والدها، إلا أنها كما ذكرت الوثيقة من سكان نعام، وربما أن والدها هو راشد بن سليمان بن ناصر بن إبراهيم بن خنيفر العنقري، والوثيقة أثبتت من هو أقرب العناقر لها مما يدل على وفاتها ووجود تركة لها.
5- عبد الله بن عبد الرحمن الحوطي (ت 1339هـ/ 1921م)؛ انتقل والده من حوطة سدير إلى الرياض، أخذ عن الشيخين عبدالرحمن بن حسن وابنه عبداللطيف وعمل كاتباً للوثائق وكان صاحب الرؤيا المبشرة بدخول الملك عبدالعزيز إلى الرياض، وقد شهد بصحة هذه الوثيقة.
وعبد الله بن نويصر الذي ذكرته هذه الوثيقة هو جد أسرة آل نويصر العنقري؛ وقد خرج من بلدته ثرمداء كما سلفنا إلى المزاحمية وأقام بها حتى وفاته، وقد توزعت ذريته آل نويصر العنقري اليوم بين الرياض وحائل والخبر ومنهم ابنه الشيخ عبدالرحمن بن عبد الله بن نويصر العنقري (ت 1385هـ/ 1965م) أول أمير للعلا في العهد السعودي وحفيده رجل العقار الشيخ عبدالله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن نويصر العنقري (ت 1407هـ/ 1987م) صاحب مساهمة حي السويدي الشهير بالرياض، كذلك منهم سعادة الأستاذ سعد بن عبدالله الفهد النويصر العنقري وكيل إمارة حائل لشؤون الأمنية سابقاً وأيضاً سعادة العميد عبد الرحمن بن صالح بن عبدالرحمن بن نويصر العنقري العميد بوزارة الدفاع، وعددهم اليوم تجاوز المئة بين الذكور والاناث بفرعيهم آل عبدالرحمن بن عبد الله بن نويصر وآل فهد بن ناصر بن عبد الله بن نويصر بارك الله فينا وفيهم ووفقنا وإياهم للخير.
** **
- عبدالعزيز بن صالح الدغيثر