عطية محمد عطية عقيلان
تبدأ أول معاركنا منذ الولادة، للتأقلم والتغلب على الظروف المناخية والطبيعية فيها، والصيحات هي مؤشر على أهمية بذل الجهد والتعب حتى تتحول إلى ابتسامات وسعادة فيها، وعلى مقاعد الدراسة تخاض معارك هدفها للبعض النجاح وعدم الرسوب، ولآخرين تحقيق التفوق والتميز، ولكل طرف أدواته التي يستخدمها من جهد والتزام وسهر للوصول إلى مراده، وفي معترك الحياة العملية، تتحول المعركة للبحث عما يحقق الطموح والأهداف والاستقرار الوظيفي، ومنذ اليوم الأول في العمل، تبدأ المنافسة، لضمان الاستمرار والتقدم، وهنا نبدأ باستخدام أسلحتنا الخاصة، والتي يكون بعضها مشروعاً مثل الانضباط وتطوير المعرفة وبذل الجهد والتعلم المستمر والتعاون مع الزملاء واكتساب مهارات وخبرات.. وهناك منا من يلجأ إلى الأسلحة غير المشروعة، بدءا بالتزلف والنفاق ولكذب والخداع والاستيلاء على جهود الآخرين ونسبها لنفسه، وفي خضم هذه المعارك لإثبات النفس والاستمرار فيما نطمح لتحقيقه، نتناسى قاعدة مهمة في الحياة وهي الحاجة إلى استراحة المحارب، والتي تمدنا بالطاقة لمعاودة النشاط وتتيح الفرصة للاستمتاع بما حصلناه وملكناه، وهي مكافأة مستحقة للجهد الذي نبذله في معركة تحقيق ذلك، لذا عزيزي القارئ، وبمناسبة شهر رمضان الكريم، هي فرصة مواتية لتطبيق استراحة المحارب فيها، والتنعم بهذه اللحظات الإيمانية، لتجربة نمط جديد وغير مألوف عما تقوم به في الأيام العادية، والتحول إلى رمي أو التقليل من استخدام الأسلحة وخوض المعارك فيها، والبدء بمرحلة السلام والمهادنة، خاصة بعلاقاتنا بوالدينا وأصدقائنا وزملائنا، والتوقف عن المشاحنات قدر المستطاع، والبعد عن متابعة من يذكرون بها في منصات التواصل الاجتماعي، ولنؤمن بأن النفس البشرية بحاجة إليها، سواء على المستوى الفكري أو المادي أو العاطفي، ولنأخذ العبرة من الآلات التي تحتاج إلى راحة وتطفيتها حتى تعاود وتستمر في العمل، ونحن أولى بتطبيق هذه الاستراحة على أنفسنا لمواصلة العطاء والخير فيها.
خاتمة: استراحة المحارب تضفي متعة وجمالا على حياتنا، وتترك أثرا إيجابيا، وهي فرصة لاستخدامها كل فترة أسوة بالإجازات وأوقات النوم، فلنتخلص في هذا الشهر الكريم، من أسلحة التشاحن والبغضاء وقطيعة الأرحام، ونستخدم أسلحة العطف والود والرحمة والصدقة والعطاء، وشهر رمضان فرصة مثالية لاستراحة مفيدة، وترتيب النفس والتخلص من التفكير السلبي والعادات السيئة، والعمل على زيادة العطاء والسعي بالخير، والعمل على تغيير أنفسنا للأحسن بدلا من مطالبتنا الآخرين بذلك، وكل عام وأنتم بخير وصحة وسعادة وعيش إيجابي متسلح بالعطاء والحب والتسامح.