رقية سليمان الهويريني
لا أحسب أن ديننا الإسلامي العظيم هشٌّ لدرجة أن يزعجنا أو يجرح صيامنا أو يؤذي مشاعرنا من يتناول طعامه في نهار رمضان، ولست أجد مبرراً للتحسس أو التبرم عند مشاهدة غير المسلمين يأكلون في نهار رمضان، كما ليس من اللائق مضايقة المفطر ونهره أو توجيه اللوم له، تماماً مثل أن ترى غير المسلمين لا يؤدون الصلاة أثناء إقامتها, فهم لا صيام عليهم ولا صلاة، ولم يرد في القرآن الكريم ولا عن الرسولِ صلَّى الله عليه وسلم توجيهاً في ذلك، بل إن هذا التصرف قد يكون منفراً لهم من الدخول في الإسلام.
وإن كان البعض يتوقع أو يعتقد أن ذلك خروجٌ عن النظام العام، فالحق أنه ليس كذلك، لأن تناول الطعام أمرٌ مألوفٌ لا يعد خروجاً أو تجاوزاً بخلاف ارتداء الملابس غير المناسبة أو البصق في الشارع أو التفحيط أو إيذاء الناس أو التحرش والتي تعد ممارسة أحدها خروجاً عن العادات والتقاليد والذوق العام.
ولو تجاوزنا غير المسلم إلى المسلم الذي أعفي من الصيام وأبيح له الفطر بسبب المرض أو السفر أو الحمل أو الرضاعة وهؤلاء بحكم المعذورين بترك الصيام فهل من اللائق أن نمنعهم أو نعنفهم بحجة استفزازنا وإيذاء مشاعرنا؟
إن الصيام عبادة سامية يغلفها الإيمان والتقوى، فالمسلم الصائم لن يراه أحد حين يتناول إفطاره بالخفاء أو بالعلن وسيجد مبرراً لإفطاره إن أراد، ولكن تبقى التقوى هي المحك والورع هو الفيصل. ومشاركة غير المسلمين للمسلمين في عدم المجاهرة في الفطر هي مشاركة بالسلوك والأخلاق وليس المعتقد، ومن يفعل ذلك فهو يظهر تقديراً للمسلمين الصائمين، وإن لم يفعل فهو يمارس فعلاً طبيعياً لا يستوجب منا نحن المسلمين التحريض عليهم أو منعهم أو نهرهم أو تعنيفهم.