خالد بن حمد المالك
تبادل اليمنيون الأسرى فيما بينهم، النظام الشرعي حرر 300 شخص، وميليشيا الحوثي استعادت 600 من العناصر، لاحظوا أن الأسرى في الطرفين هم يمنيون مولداً ومنشأً وأصلاً وفصلاً، وما زال غيرهم يقبع في السجون ينتظرون الخلاص، والتمتع بالحرية بعد أن سلبتهم الحروب إياها.
* *
هناك من وظف الاتفاق السعودي - الإيراني لإعادة العلاقات بين البلدين، وعودة السفراء إلى الرياض وطهران، كسبب لهذه السرعة التي لم تكن مألوفة من قبل في الاتفاق على تحرير من تسببت الحرب في اقتيادهم كأسرى إلى السجون لدى الطرفين.
* *
حسناً أن يتم هذا التوقع، وأن يصل الجانبان لاحقاً إلى اتفاق بإخلاء وتفريغ السجون من كل السجناء السياسيين، وأن يتواصل الحوار لإيقاف الحرب تماماً، والتوجه نحو تصحيح الأوضاع، ومعالجة موضوعات الخلاف، وصولاً إلى إعادة الاستقرار لليمن، واختيار ممثلين للشعب لقيادة اليمن الموحد في المرحلة المقبلة.
* *
لا أحد استفاد من الحرب، ولا أحد كانت له مصلحة في هذا التشرذم، قد عانى الشعب من الجوع والفاقة، وكانت وطأة المشكلات عليه في كل اتجاه، تعليمياً وصحياً وأمنياً وغيرها، وفقد المواطن أي فرصة عمل ليضمن قوتاً يعينه على الحياة، في مقابل حرب تدور رحاها، وقد قتل وأصيب فيها الآلاف دون مبرر.
* *
نتمنى من الحوثيين أن يصغوا إلى لغة العقل، ومنطق السلام، ويضعوا حداً لعنادهم في استمرار الحرب التي أكلت الأخضر واليابس، ولم تولد أي انتصار لهذا الجانب أو ذاك من الفرقاء اليمنيين المتخاصمين، وهو ما يجب أن يكون موضع تفكير الحوثيين، بعيداً عن الضغوط الخارجية، والإملاءات الأجنبية التي لا تصب في مصلحة اليمن واليمنيين.
* *
تبادل الأسرى خطوة مهمة، لكن يجب أن يليها خطوات أخرى، والعلاقات السعودية - الإيرانية المستقبلية يجب استثمارها بما يوقف الحرب، وتالياً الاحتكام إلى روح العقل والمنطق السليم. وبدون ذلك، فإن طواحين القتال سوف تستمر، والخاسر في ذلك اليمن واليمنيون.
* *
الخطاب الإعلامي والسياسي ظل يغذي الحرب، ويساعد على استمرارها، ويوقد نارها أكثر فأكثر كلما لاح اقتراح أو مبادرة من الخيرين لتقريب وجهات النظر، وخاصة من المملكة العربية السعودية، ما يعني أهمية إيقاف التصعيد الإعلامي، والتشنج في التعامل مع الوضع المأساوي القائم في اليمن.
* *
يهمني التذكير بأن لا أحد يمكن أن يسرق حق الآخرين في اليمن، وأن أحداً مهما ادعى صواب رأيه، فهناك غيره من يملك هذا الشعور، وأن من يعتقد أنه الأقوى ميدانياً وعسكرياً، فإن سنوات القتال تظهر أن أحداً غير قادر على كسب المعركة وحسمها لصالحه الآن وفي المستقبل.
* *
على أن الأوضاع الدولية والإقليمية لا تسمح بسيطرة فئة على حساب أخرى، والمطلوب من العقلاء في اليمن عدم تفويت أي فرصة مواتية لمعالجة آثار الحرب، وأسبابها، ووضع حد لها، والتوجه إلى البناء والإعمار، وانتشال المواطنين مما يعانونه من بؤس وفقر ووضع اقتصادي لا يسمح بتوليد وظائف، وتحسين الخدمات الصحية والتعليمية، والعاقل من اتعظ من تجربة دموية الحرب، وما خلفته من دمار ودماء.
* *
على الحوثيين أن يلقوا السلاح، ويمدوا أيديهم للجانب الشرعي، ولا يفوتوا أي فرصة تتاح لإيقاف القتال، وأن يستفيدوا من الأجواء المستجدة في وضع حد لهذه الحرب المدمرة، فالعاقل من استفاد من دروس الحرب ونتائجها، وتوجه نحو إقرار السلام والاستقرار.
* *
أقول هذا وقد كان يوم أمس موعداً مع استخدام السلاح بين الطرفين في حريب، بسبب عدم التزام الحوثيين بالهدنة، وعدم احترامهم لهذا الشهر الكريم، ما جعلهم يفقدون العشرات بين قتيل وجريح في مواجهة مع الجيش اليمني هم من بدأوا بها، كما فقدوا عدداً من المواقع التي كانوا يسيطرون عليها، وهو ما يعني أن الدبلوماسية والحوار ليست بديلاً عن المواجهة العسكرية مع الحوثيين.