طريق النجاح ...
هو أن تعرف مفاتيح شخصيتك..
وتضعها في المكان المناسب ...
خالد
جميلة هي الكتب التي تقرأها وفي ذهنك أفكاراً وتنتهي منها وفي ذهنك أفكار أخرى وهذا أحدها. يتكون الكتاب من (8) فصول تبدأ بـ «مجانين»، وتنتهي بـ «كارهو البشر»، والكتاب أساساً اسمه «هدوء» لكاتبه أمريكية تدعى سوزان كين، ولكن المؤلف أعاد تنقيحه وكتابته «لينتفع به القارئ غير المتخصص». ويهدف إلى استعراض فكرة «الانطوائية» وما صحة كونها مرضاً يجب علاجه، ولماذا أصبحت منبوذة وكيف أسهمت الثورة الصناعية في ذلك، ويختم بأهمية التكامل بين نوعين من الشخصيتين، شخصية الانطوائي وشخصية الاجتماعي.
فالانطوائي حسب تعريف كارل يونج شخص «يعيش في العالم الداخلي، المكون من أفكار ومشاعر، ويفكر في كيفية حدوث الأشياء ومسبباتها، وماذا لو لم تحدث، أما الاجتماعي فيعيش اللحظة، يعيش الحدث وينغمس داخله، ولا تهمه التفاصيل الصغيرة». يتبين أن هناك نوعين من البشر، انطوائي واجتماعي، وهنا الحديث عن الانطوائي الإيجابي الذي ينعزل لينتج المنجزات العظيمة سواء كانت فكرية أو اختراعات أو نظريات تهز البشرية.
يعزو المؤلف إلى أن أهم المشاكل التي يواجهها الانطوائي هي التغيرات الناتجة من الثورة الصناعية، «حيث صار مجبراً على الانخراط في الأعمال الجماعية مع غرباء مفتقداً أهم عناصر قوته وهو حب العزلة». فالاختراعات التي ظهرت بعد الثورة الصناعية نتيجة لاختراع نيوكمان لأول محرك بخاري، أدت في جانبها الإيجابي إلى ازدهار السياحة والاقتصاد، وعولمة الثقافة، وتيسير التنقل بين المدن والشركات وزيادة الاحتكاك بين البشر، فأصبح هذا العصر عصر يلائم الاجتماعيين.
وبناءً عليه أصبح الانطوائي يحس أنه عالة على مجتمعه، وعلى نفسه أيضاً، فأصبح لزاماً عليه أن يغير من شخصيته، وإلا سيُقذف خارج الصورة، مع أنه يفترض فيه أن يتصالح مع شخصيته، وأن يصرخ في وجه العالم في كل مرة، ويقول لست ضدكم، ولست مريضاً، ولكني اختلف عنكم، فكل إنسان له ما يميزه وكل صفة لها ما يلائمها.
فكرة التكامل بين الشخصيتين هي الخلاصة التي يمكن استنباطها من العنوان «هارون أخي»، والمقصود بالشخصيتين شخصية الانطوائي، وشخصية الاجتماعي، فموسى طلب الاستعانة بهارون أخيه عليهما السلام، ولأسباب يذكرها المؤلف، ومنها أن هارون أفصح لساناً كون موسى بقي في مدين لسنوات كثيرة قبل عودته إلى مصر مما تسبب في عدم إتقانه لجهة أهلها.
ومثال آخر ذكره المؤلف عن التكامل بين الشخصيتين وهما شخصية «جوبز» وشخصية صديقه العبقري الانطوائي «ويزناك» باذر البذور وشريكه في تأسيس آبل، حيث قام بتصنيع أول جهاز بمفرده كما يقول في مذكراته، بينما ترك لجوبز مهمة نشر الفكرة باجتماعيته وصفاته التي تتواكب مع العصر فأصبح الناس لا يعرفون إلا جوبز، مع أن هناك عبقرياً آخر لا يعرفه إلا القلة إلا أنه يحب العزلة والعيش بعيداً عن الأضواء.
أخيراً ...
يقول آينشتين: «وكن وحيداً فذلك يمنحك وقتاً للتأمل والبحث عن الحقيقة، ويجعل حياتك ذات معنى».
ما بعد أخيراً ..
كن أنت ولا تكن غيرك...
فإن حاولت أن تكون غيرك... قتلت نفسك!
** **
- خالد الذييب