«الجزيرة» - سعد المصبح:
ضمن أنشطة قيصرية الكتاب التي تتم في إطار فعالية «كتابي الأول»، استعرض الدكتور عبدالواحد الحميد كتابه «السعودة أو الطوفان»، وتولى الأستاذ عبدالوهاب الفايز تقديم الكتاب والكاتب، منوهاً بأهمية الموضوع الذي تناوله الكتاب وهو توظيف السعوديين وقضايا سوق العمل، وهي قضايا ما زالت ساخنة ومحل اهتمام المجتمع والأجهزة المعنية.
وتقوم فكرة فعالية «كتابي الأول» التي تقيمها القيصرية بإشراف ومتابعة من الأستاذ أحمد الحمدان على شرح خلفيات صدور الكتاب الأول للمؤلف واستدعاء مشاعر المؤلف وقت صدور الكتاب وما تلا ذلك من ردود الأفعال.
وتحدث مؤلف الكتاب الدكتور عبدالواحد الحميد الذي كان نائباً لوزير العمل عندما كان الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله - وزيراً للعمل في إجابته عن خلفيات صدور الكتاب قائلاً: إنني عندما كنت أميناً عاماً لمجلس القوى العاملة كتبت مادة الكتاب التي تناولتُ فيها قضايا سوق العمل وتوظيف السعوديين، ثم دفعت بالكتاب إلى المطبعة. ولكن في تلك الأثناء، صدر قرار بإنشاء وزارة العمل بعد فصلها عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وتعيين الدكتور غازي القصيبي وزيراً للعمل وتعييني وكيلاً للوزارة وإلغاء مجلس القوى العاملة. عندها قرَّرت التريث في نشر الكتاب وإطلاع الدكتور غازي على مادته قبل نشره لأنني رأيت أن من غير المناسب أن أنشر هذا الكتاب الذي قد يتضمن أفكاراً تختلف عن سياسات الوزير الذي قد أصبح الآن رئيسي في العمل. وفعلاً طلبت من المطبعة إرجاء طباعة الكتاب، وأخبرت الدكتور غازي عن مشروع الكتاب وكنت قلقاً من أنه قد يطلب مني عدم نشره، حيث تعودنا في السابق من بعض الوزراء الميل إلى تجاهل ما كان قبلهم. فوافق الدكتور غازي على قراءة الكتاب، وسلمته مسودة الكتاب، وكان أملي هو فعلاً ألا يعارض نشره.
بعد ذلك جاءت المفاجأة الكبيرة عندما هاتفني الدكتور غازي -رحمه الله - قائلاً إنه سعيد بالكتاب وأنه ليس فقط يوافق على نشره وإنما يود أن يكتب مقدمة للكتاب على الرغم من تأكيده على أنه ضد كتابة مقدمات الكتب بشكل عام. وقال لي إنه قرأ الكتاب بعناية وكرر قراءته لدرجة أنه يتذكر بعض الأخطاء الطباعية فيه، فأسعدني ذلك. بعد ذلك بيوم، أرسل لي مقدمة الكتاب التي كتبها بأسلوبه الجميل الأخاذ.
وعن مشاعره بعد صدور الكتاب، قال الدكتور عبدالواحد الحميد إنه كان سعيداً جداً بأن يصدر كتابه بمقدمة بقلم العملاق غازي القصيبي وخصوصاً أن المقدمة لم تكن تقليدية، حيث جاء فيها: «إن هذا الكتاب بالغ الأهمية ويجب أن يقرأه كل مواطن حريص على مستقبل هذا الوطن. أما المعنيون بشؤون العمل فيجب أن يقرأوه أكثر من مرة كما فعل كاتب هذه السطور».وقام الدكتور غازي القصيبي، بعد ذلك، بإهداء نسخة من الكتاب لجميع الوزراء وصُنَّاع القرار، ووصلت إلى الدكتور غازي تعليقات ومداخلات إيجابية ومفيدة منهم في رسائل خاصة حوَّلها إليَّ الدكتور غازي وما زلت احتفظ بها.
كذلك مما زاد من سروري أن الكتاب قد حظي باستقبال واسع من الكُتَّاب في الصحافة ولدى العديد من الاقتصاديين، وكبار المسؤولين.
وتتلخص فكرة الكتاب في أن سوق العمل السعودي يعاني من اختلال هيكلي جوهري يتمثَّل في تعطيل قوى العرض والطلب، وبالتحديد تشويه جانب عرض العمالة، وهذا بدوره يؤدي إلى إحداث خلل هيكلي في الاقتصاد السعودي نفسه لأن الاقتصاد مكون من أسواق هي سوق المال وسوق العمل وسوق السلع والخدمات. وبالتالي فإن الخلل في سوق العمل ينعكس على الاقتصاد برمته. ففي جميع الأسواق يتحدد السعر بناءً على العرض والطلب طبقاً للموارد المحلية الموجودة في البلد. ولكن في السعودية، فإن جانب العرض في سوق العمل هو جانب مشوّه لأننا نستقدم ملايين العمالة من الخارج فيبدو لنا وكأن العرض متوفر مما يؤدي إلى انخفاض الأجر بشكل لا يعكس الموارد الطبيعية المحلية، ولذلك لا بد من ترشيد الاستقدام بحيث لا تؤثّر على هيكل سوق العمل، وهذا لا يعني منع الاستقدام وإنما الاستقدام وفق الحاجة فقط وأن تصاحبه سياسات عديدة تتظافر في تنفيذها جهود جميع أجهزة الدولة وليس وزارة العمل وحدها. من هذه الإجراءات مثلاً: خلق المزيد من الوظائف، وتحسين بيئة العمل وجعل سوق العمل جاذباً، والتوسع في برامج التدريب وتحسينها، وتعزيز أخلاقيات العمل لدى الشباب وإصلاح التعليم وجعل مخرجاته ملائمة لسوق العمل، وغير ذلك.
وختم الدكتور عبدالواحد الحميد حديثه بقوله إن أوضاع سوق العمل قد تحسنت كثيراً في الوقت الحاضر من خلال برامج رؤية 2030 وبخاصة برنامج تنمية القدرات البشرية وبرامج وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مما أسهم في تخفيض معدل البطالة وزيادة توظيف المرأة وتحسين بيئة العمل وغير ذلك.