الثقافية - مسعدة اليامي:
القراءة والبحث والاستماع من القواعد الذهبية..التي يُمارسها من أجل الخروج إلى فضاء الكاتبة, بما يراهُ يناسب, ويتناسب مع الحالات الإنسانية..التي يريد أن يظهرها من خلال كتابتهِ للمقال أو الرواية القادمة أو التي نحن بصددها اليوم على صفحات الثقافية مع الضيف الروائي عبد العزيز القحطاني صاحب رواية من الكترة.
* الكتابة هناك من يقول عنها إنها تقوم على الشفاء والعلاج - أنت ماذا تقول عن بحر الكتابة, وماذا يشكل لك؟
بالنسبة لي الكتابة هي التي تقوم بنقل إحساسنا, وما في داخلنا سواء كان خاطراً مكسوراً أو في حالة مطمئنة وقد نشارك بخيال أو فكرة من خلال رواية أو قصة أو نشارك بشخصيات نصنعها مستمدة من الإنسان ونحاول أن نصنع من خلال الكتابة تفاصيل عميقة حول تلك الشخصيات.
بعدما اكتشفت موهبة الكتابة لديك, كيف عملت على بنائها, وقيادة الدفة إلى الطريق الصحيح؟
هناك نصيحة قديمة لكافة الروائيين يقولونها: القراءة, ثم القراءة. بالقراءة نستطيع أن نشكل فكرة, نشكل محادثة,نشكل معرفة, نشكل كل جمال وإنتاج أدبي وبشري.
* القراءة تعد أهم أعمدة الكتابة, كيف تمضي وقتك مع خير جليس, و ما أهم الكتب التي تتصدر مكتبتك؟
الكتاب هو جليسي منذ صغري, فأنا مداوم على القراءة بشكل يومي لا يغيب عني الكتاب, ومتابع بشكل مباشر لآخر الإصدارات الأدبية, والمعارض المختصة بالكتاب وأهم الكتب التي تتصدر مكتبتي, العديد من التخصصات سواء كانت تاريخية أو أدبية أو فلسفية, وحتى في علم الاجتماع لكنني أميل دائماً للمؤلف العربي, وعلى سبيل المثال مؤلفات نجيب محفوظ، وحنا مينة، ومحمد حسن علوان، عبده خال .أجد فيها مخزوناً أدبياً رصيناً,ورائعاً وهذه أمثلة فقط وهناك العديد من الأسماء, وأنا أقول أسماء لأنهم صنعوا مدارس أدبية رائعة فنجيب محفوظ مدرسة أدبية عميقة.
* عرج بنا على رؤية روايتك (من الكترة), و هل هناك أسباب أنت مقتنع بها عندما اخترت العنوان و اللهجة العامية العسيرية؟
روايتي تدور حول النفس الطيبة ومدّ العون للآخرين وأهمية العيش البسيط والسعادة والاقتناع وذلك نتيجة بيئة نقية, وصالحة لا تشوبها حركة الحياة السريعة, ولا المجاملات الكذابة تدور حول النفس كيف تفكر,كيف تتخذ قراراً. في ظل الإمكانيات المتاحة بالرغم من قلة الموارد. فتحمل المسؤولة ورؤية الأمور بزاوية جيدة, برغم بساطة المستوى التعليمي, فكيف تكون الأم مدرسة في عمق تفكيرها, وحمايتها لأطفالها.
نعم مقتنع باختياري للعنوان، فكانت نقطة انطلاق لبطلة الرواية نحو مستقبل مشرق فمن خلال نظرات للمستقبل من خلال النافذة التي تسمى باللهجة العامية الكترة، لم أختر لهجة محددة في طريقة كتابتي وليس في روايتي كاملة اللهجة إنما موجود منها بعض المحادثات القصيرة باللهجة الجنوبية. والسبب لأضع القارئ في قلب العمل, وعدد المحادثات قليل بالنسبة للعمل وكنت أوضح معنى الكلام, وقد سبقني العديد من الروائيين في ذلك, بكتابة اللهجة العامية ونقلها وذلك من أجل وضع القارئ في قلب العمل على سبيل المثال عبدالرحمن منيف في رواية سيرة مدينة, ورضوى عاشور في الطنطورية, ونجيب محفوظ كذلك وغيرهم.
* الحب والقراءة من وجهة نظرك تصنع رواية تستحق أن تكون بين أرفف المكتبة العربية؟
الحب هو شعور هو حالة مميزة نتواصل بسببه كبشر ونساعد بعضنا البعض الحب بسببه قد يفرح الإنسان, وقد يصنع منه حكايات متعددة تدور حوله كإنسان لذلك يستحق أن يكون له رفوفه الخاصة.
* أيهما وفر لك مصادر من المعلومات أكثر الكتب أو قصص الوالدين؟ وأيهما كان يحرك مشاعرك, ويهز جذور الخيال؟
كلاهما، الكاتب أو حتى الإنسان العادي ليس فقط عليه أن يقرأ لابد من الاستماع إلى الآخرين وينتقل بين قصة هذه, وتلك وكذلك التجارب الإنسانية, فالوصفة لدي قراءة, وتجربة, والاستماع لأكبر قصص أو أحاديث الناس بمختلف الاهتمامات والتجارب حتى تكون خيالاً, قد تصنعه ككاتب, ولنا في نجيب محفوظ خير مثال فمرة نجده على القهوة, ومرة أخرى نجده في صالون أدبي, ومرة أخرى مع رجل أعمال, وطبيب, وسائق التاكسي, وغيرهم من الطبقات التي من خلالها يصنع أعماله, لذلك أعماله قريبة من القراء.
* لماذا القرية؟ و هل زرت القرية قبل أن تشرع في كتابة الرواية, وكيف كانت تلك الزيارة؟
كما قلت في روايتي عادات أو تقاليد القرية تتشابه مع كل القرى في العالم لكنها تلبس في كل مكان ثوباً, وذلك لنقاء الإنسان في روايتي لم أتطرق للقرية في الفترة الحالية إنما في منتصف القرن الماضي واستمديت المكان والأحداث من الخيال لكنني قبل الشروع في كتابتها استمريت باحثاً على ما يزيد ستة أشهر وأكثر للبحث عن تفاصيل الحياة في ذلك الوقت, للتعرف على ملبوساتهم, والمأكولات وغيرها, ثم وضعتها بقالب خيالي.
* حدثنا عن أهم المشاكل الاجتماعية التي تطرقت لها في الرواية, وهل فعلاً كانت تحل بتلك الطرق في ذلك الوقت؟
دائماً ككاتب أسعى لتشجيع القارئ في كل داخل شخص فينا نور جميل وإحساس بالآخرين سواء في كتابي مقال في زمن كورونا أو فيه هذه الرواية سعيت لإظهار الجانب الإنساني الداخلي, وكيف عليّ ككاتب أن أظهره للقارئ بشكل أعزز فيه السلوك الحسن, وأعزز كل قيمة إيجابية بالنسبة للمشكلات الاجتماعية في روايتي تطرقت لها كجزء من خيالي, وليس من الواقع في ذلك الوقت, لكن عليها بنيت فكرتي حتى أخرج ما في الداخل الإنساني من خير وشر, وطريقة مدّه للآخرين.
* أي الشخصيات أترث فيك, وأيتها شعرت بتعب و أنت تكتبها؟
شخصية البطلة, وكذلك شخصية وهبة تلك الشخصيتان لم أتعب في كتابتهما إنما تعبت في توفير المصادر اللازمة في بناء قالب الرواية لأضع القارئ في قلب العمل وأجعله يتخيل الأحداث بأسلوب بسيط شخصية البطلة هي موجودة بكل إنسان فينا عندما يتحلى بالعقل, والمسؤولية, وداخل يفيض بالحب حينها سيعين أخاه في سعادته,ونهضته نحو مستقبل سعيد وباهر.
* الطب والأدب تجتمع في قالب واحد, هل كانت طريقة الصهر ميسرة, أم أنك واجهت صعوبات في ذلك؟
من قبل دخولي الطب وأنا شغوف بالكتابة, فكنت أكتب تحليلاً عن مباريات كرة القدم, وأكتب مقالة بشكل أسبوعي, وذلك وأنا في المدرسة, وكان واجباً مدرسياً للمادة الدراسية، وحاولت كتابة رواية قبل دخول المجال الطبي لكن لم تنتهِ وحاولت خلال دراستي كذلك أن أقدم عملاً لكن لم ينتهِ وبعد التخرج من طب الأسنان أنهيت عملين ولله الحمد, وهما مقال في زمن كورونا, وكذلك محور حديثنا رواية من الكترة.
* هل وصلتك قراءة نقدية أقنعتك بما كتبت عن روايتك,أم أنك لا زلت تترقب الأجمل, و هل سيكون صدرك متسعاً لما سيكتب من قبل الناقد؟
أنا بالانتظار، في كتابي مقال في زمن كورونا وهو عبارة عن مجموعة مقالات تشجيعية وتقدم الجانب الإيجابي فينا تحدثت في أحد فصوله عن أهمية النقد وكيف يمكن أن يعزز, ويحسن الذائقة, وعنوان الفصل انقدوني.
* أي عمل أدبي لا بد أن يشوبه النقص, ولا يوجد كمال مطلق أو نقص مطلق, ما رأيك في ذلك؟
أنتِ قارئة هل لديك قول بأن كل أعمال نجيب محفوظ مثلاً رائعة ؟، بالطبع لا هناك منها المميز جداً والمميز,والجميل وغير الجميل، الأدب والفن حالات إبداعية, وموهبة يقدم فيها المؤلف أو الفنان نظرتهُ الخاصة, وتشكيله وخلفيته الفكرية ما قد يعجبك قد لا يعجبني, أما من الناحية النقدية لابد من نقد الأعمال وليس التصفيق لمؤلفيها فمثلاً عندما يكون العمل غير جيد يجب ذكر ما هي عوامل الضعف بأسلوب مختص, وعدم التطرق للنقد الجارح الذي يظلم المؤلف في تقديم إنتاج جديد لابد أن يكون النقد كنور على الجانب المظلم في العمل حتى يستفيد المؤلف, لكن حالياً لا يوجد نقد حقيقي في نظر النقاد أو حتى القراء الأسماء فقط، قد تجدين اسماً كبيراً لكن أعماله بعضها جيد, وبعضها ضعيف.
* هل الكتابة تشكل عندك مشروعاً مستمراً, أم مجرد نقطة عبور؟
بالطبع مشروع مستمر وقد انتهيت من الرواية وكذلك كتاب مقال في زمن كورونا، وأنا قريباً بصدد عمل روائي جديد عن موضوع لم يتطرق له أحد وهو عمل فلسفي يغوص في الداخل الإنساني بسبب الحياة السريعة التقنية.. التي جعلت نوعاً ما تباعداً إنسانياً وأنا أحضر حالياً منذ أشهر في قراءة بعض مؤلفات طب النفس وكذلك الالتقاء ببعض الأطباء لأصنع شخصيات العمل, بالإضافة للخيال والمشكلة والفكرة.
* هل كان هناك أسباب دفعتك أن تلج إلى بوابة الرواية, و ماذا تخبئ في جعبتك المستقبلية؟
سببي الوحيد هو أن لديّ رسالة في نبش الجوانب الجميلة في الإنسان وتعزيزها من خلال العمل الروائي وأن تكون ذات دافع وطاقة إيجابية لكل شخص حلت به الآلام, وعواصف وتعب مشوار الحياة، أما من مشاريعي المستقبلية تحويل الرواية إلى عمل سينمائي أو مسلسلي أو مسرحي, وذلك في الأعمال التي سأقوم بتأليفها حيث من الجميل أن ننقل المخزون الثقافي, والأدبي الرائع كمادة سينمائية أو مسرحية أو إلى ذلك.