د.حسن مشهور
للغة العربية جمالها، إلى جانب حضورها النوعي الآسر، فهي وإن كانت قد اكتسبت خصوصيتها كونها قد مثلت الوسيط اللساني للمعجز الديني الإسلامي العظيم، وأعني به القرآن الكريم، إلا أنها أيضًا بإرثها التاريخي الشعري والأدبي تمثل ذلك الوجود القيمي الآسر.
وبإلقاء نظرة فاحصة على اللغة الموظفة في السياق اللساني للمجتمع العربي، وتحديدًا منها تلك المصطلحات ذات الجذور غير العربية التي يعكسها اللسان العربي سواء في التداولية اليومية أو على مختلف قنواته التعبيرية الأخرى التي تتموضع في ثنايا الأخبار ومقالات الرأي والتقارير الصحفية وغيرها من الأنواع الإعلامية والكتابية المعروفة؛ فإننا سنجد بأن لها وجودًا بارزًا في ثنايا الحديث اليومي وكذلك النصوص التي يُصدِّرها الإعلام بشكل يومي على مختلف قنواته التعبيرية سواء المشاهد أو المقروء أو المسموع منها. وهي حضورية جلية يستطيع أن يلاحظها القارئ العادي دونما جهد يذكر.
وفي تقديري أن الباعث لهذه الوجودية المصطلحية في ثنايا اللسان التعبيري العربي اليومي ويعكسها الإعلام التقليدي والجديد منه أي الإعلام البديل؛ هو تلك المثاقفات التي تنشأ بين معرفتين من دولتين متباينتين ثقافياً أو أكثر. فالجميع بلا استثناء ومع هذه الثورة الهائلة في مجال الاتصال وتقنية المعلومات قد أضحى مطلعاً على ما لدى الآخر من ثقافة ومعرفة في مختلف الجوانب الحياتية والثقافية على عمومها. الأمر الذي ولد حالة من التأثر وكذا التأثير، بحيث أصبحت هذه العملية متسمة في حدوثها بالاستمرارية، وهو ماآل بالتالي إلى وجود حالة من الشيوع المصطلحي بين مختلف الثقافات، بحيث غدت مصطلحات بعينها «مُعَوَّمَة»، بين مختلف الثقافات المتباينة في جغرافيتها المكانية.
ولقد تعرض الأقدمون من علماء تراثنا العربي لمفردة «الترجمة»، باعتبارها لفظة تمثل آلية نقل معرفي، من هؤلاء كان الفيروز بادي، وابن قتيبة، وابن منظور. وغالبًا ما تنشئ عند محاولاتنا للعمل على ترجمة مصطلح من ثقافة ما، إلى لغتنا العربية الخالدة الأم، جملة من الإشكالات الترجمية لعل من أبرزها؛ عمومية الدلالة، ضبابية الفهم، والخيانة الأمينة للنص، والاشتقاقات المتعسفة، والولع بالأجنبي على حساب المماثل العربي، والخطأ الترجمي، إلى جانب التهجئة.
لذا ففي حالة رغبتنا الحصول على ترجمة أمينة للنص تتسم بالدقة وصدق الدلالة، فعلينا الالتزام بالمقترح التالي الذي يتناول جملة من الاشتراطات والمقاييس المفترضة للترجمة المثلى والتي تتمثل في ثلاثية تتسم بالارتباطية بحيث لايمكن إغفال أحدها وتطبيق الاشتراطات الأخرى، وهي على التوالي، الحرص على الدقة وتحقيق الأمانة في الترجمة، والالتزام بالموضوعية، والبعد ما أمكن عن التركيز على الجماليات على حساب المحتوى القولي للنص.