ميسون أبو بكر
ذهبت للتبضع قبل أيام من محل تجاري كبير في إحدى مدن فرنسا وظننت للحظات أنني في العثيم أو بندة بالمملكة؛ حيث في بداية السوق خصصوا قسماً لمنتجات رمضان التي يستخدمها المسلمون في الطبخ وإعداد الحلوى.
شعرت لوهلة أنني في بلد عربي، ولا يخفى على كثيرين وجود العرب المغاربة في فرنسا بكثرة حيث تختلف نسبة تركيزهم من تونسيين ومغاربة وجزائريين من مدينة لأخرى، بل إنك في هذه الأسواق تجد اللحوم المكتوب عليها «حلال»، وهذا نوع من دمج الأطياف المختلفة والتعايش واحترام الآخر، ففي السابق كنت لا تجد اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية إلا في ضواحٍ معينة أو أسواق خاصة بالعرب.
لم يكن وجود هذه المنتجات في - السوبرماركت- بغرض الربح والتكسب كما قد يبدو للبعض، فالقوة الشرائية كبيرة في فرنسا والاستهلاك للسلع كبير، ولا أقصد السلع الأخرى كالقطع الكهربائية والأثاث والتي لا تتوفّر في المخازن بل يتم تصنيعها بحسب طلب الزبون والألوان والأقمشة التي يرغب بها؛ وقد يستهلك ذلك أشهرًا وقد وجدت صعوبة في الحصول على أي قطعة أثاث في المحال غير تلك الموجودة للعرض، وهذا يجعل الأمور أصعب والحياة ليست باليسر الذي نجده في الشرق.
السلام بين البشر والتسامح هو دعوة إلهية في الأديان السماوية وهو ضرورة حياتية نحتاجها اليوم في هذا الزمن الصعب؛ والأمراض والحروب التي تطرق الأبواب بلا هوادة، والرعب من الكوارث الطبيعية التي تسرق معها أرواح البشر وممتلكاتهم وحيواتهم، لذلك الإنسان هو أشد حاجة اليوم للسلام والمحبة ليواجه كل تلك الإرهاصات في حياته، واحترام الأديان واجب أيضاً، لأن التعدي بالألفاظ أو الرسومات الكاريكاتورية كما حدث مسبقاً بحجة الحرية هو تعدٍ على مقدسات الأديان والبشر، ويولد البغضاء والإرهاب أيضاً، وهناك من يستغل ذلك لتأجيج الشباب والناس وإشعال فتيل الكراهية والرغبة في الانتقام، ومن هنا تتولد العنصرية والكراهية بين الشعوب.
الاندماج في المجتمعات ثقافة وضرورة مجتمعية وهي من طبيعة الإنسان الذي خلق اللغة لتكون وسيلة للتخاطب والتواصل مع الآخر، ولعل أول يوم من رمضان سيكون بالنسبة لي فرصة للتعريف بثقافة المائدة السعودية لمن هم حولي هنا، وأهمها القهوة والتمر المنتج السعودي العظيم، وبعض الأكلات الشعبية التي تحرص النساء على وجودها على المائدة الرمضانية، وهي فرصة للتواصل مع الآخرين بسياق ثقافي وحوار إنساني، فمجتمعنا السعودي مجتمع كريم يحب التواصل مع الآخر رغم انغلاق بعض المجتمعات على نفسها وعدم رغبة البعض في التواصل.
وجود ركن لمنتجات المسلمين الرمضانية في دولة غربية أشعرني بالسعادة ورغبت أن أشارك قرائي الكرام به.
كل عام وأنتم بخير وصحة وهناء، وتقبل الله طاعاتكم وقيامكم وصلواتكم.