خالد بن حمد المالك
لبنان يحتاج إلى شيء من الاستقرار، يقوده إلى التعافي ولو بالتدريج، هذا يعني ضرورة التوافق على اختيار رئيس للبلاد، وانتخابه سوف يقود إلى تكليف رئيس لتشكيل الحكومة.
* *
في لبنان ثلاث رئاسات، الرئيس الأول يطلق على رئيس الجمهورية، وهناك رئيس لمجلس النواب، وآخر لمجلس الوزراء، الأول مسيحي، والثاني مسلم شيعي، والثالث مسلم سني.
* *
هذه الاستحقاقات مكنت تمثيل كل الديانات والمذاهب ضمن دستور عولجت بعض الثغرات فيه بمؤتمر الطائف، حيث اجتمع الفرقاء، وأنهوا الحرب الأهلية التي كانت قائمة آنذاك، وتوصلوا إلى معالجة لأسباب الحرب، والذهاب إلى مواقف يجنب البلاد تكرارها، لكن ما تم الاتفاق عليه لم يطبق بالكامل، فبقي ما لم يطبق ثغرة لبقاء نار الخلافات بين اللبنانيين تحت الرماد.
* *
اختير عون مرشح حزب الله ليكون رئيساً لكل اللبنانيين في الدورة السابقة، لكنه ما إن وصل إلى قصر بعبدا حتى كشف عن تآمره على لبنان واللبنانيين، وانخراطه في السياسة الإيرانية من خلال رئاسته وحزبه، متعاوناً مع حزب الله الراعي لمصالح إيران في لبنان والمنطقة، فكان حال لبنان كما نراه اليوم.
* *
رئيس الجمهورية في لبنان هو من يكلف بعد التشاور الملزم من سيكون رئيساً للحكومة، وهو من يعطل خياراته لتشكيل الوزارة إذا ما كلف بها إن لم ينفذ طلباته في تسمية وزراء محسوبين عليه في الحقائب الوزارية المهمة، وهو من يحتفظ بالمراسيم فلا يوقعها متى ما كانت تخالف رغباته ومصالح حلفائه.
* *
الرئيس اللبناني ميشيل عون عبث بلبنان ست سنوات رئيساً، وأذاقه الأمرين حين كان شريكاً في الحرب الأهلية حين كان قائداً للجيش، وهو من أنهى فترة رئاسته للبنان دون تشكيل حكومة، فقد عطلها بمبررات واهية ليبقى لبنان يدار بحكومة تصريف الأعمال، مجردة من الصلاحيات، ومكسورة الجناحين!
* *
في لبنان الرئيس صاحب صلاحيات يتفرد بها، بينما رئيس مجلس النواب صلاحياته من موافقة الأعضاء، ومثله رئيس مجلس الوزراء لا يأخذ قراراً إلا بتوافق أعضاء الحكومة، وهكذا ضاع لبنان بين (حانا ومانا) وسياسيين لا هم لهم إلا مصالحهم الشخصية، وإعلاميين يرتهنون لتوجيهات من لهم مصلحة فيهم، متخلين عن رسالتهم.
* *
وهكذا ضاع لبنان، والويل لمن يعترض، أو يقول كلمة الحق، أو ينادي بمحاكمة الفاسدين وتسميتهم، فسوف يدفع إن فعل ذلك حياته ثمناً لمثل هذا القول، وقد قتل زعماء وقادة وإعلاميون بدم بارد، لأنهم فتحوا أفواههم، وتجرؤوا في الخروج عن سكة الصامتين.
* *
قتل رفيق الحريري وغير الحريري وكثير من المشاهير والرموز الوطنية لاقوا حتفهم، وضاعت محاسبة القتلة، لأن الطرف المتهم في قضايا التفجيرات لا تصله العدالة وإن تعددت جرائمه، وعلم الجميع بأنه هو مصدرها ومنفذها.
* *
في تفجيرات لبنان حكاية أخرى تدمي القلب، عون كان رئيساً ورفض أن تأتي لجنة دولية للتحقيق في تفجير المرفأ خوفاً من إدانة المتسبب، وحين عُين محقق عدلي محلي رفضه حزب الله، وبقي المجرم يسرح ويمرح، دون أن يعطي أهمية أو بالاً لعشرات القتلى، والدمار الواسع، وكأن المطلوب أن يصدر حكماً ضد مجهول.
* *
عيني على لبنان، حزين على ما آل إليه، مشفق على انجراره إلى هذا المستوى من الضياع، بفعل الخونة والقتلة والمفسدين، والدستور الذي هَيَّأَ لهذا الذي نراه، وكم هو محزن هذا الذي نراه!!.