مشعل الصخيبر
الحصول على الشهادات العليا سواء الماستر أو الدكتوراه في أي تخصص ومجال هدف البعض وهذا حق مشروع له وطموح يحققه كل مجتهد بعد توفيق الله سبحانه وتعالى وذلك لتحقيق منفعة دنيوية إما بزيادة الراتب الشهري أو الترقية ولكنه حتماً لايصنع ذلك إنساناً مثقفاً لأن الثقافة تتجاوز حدود المقررات الدراسية والبحوث المفروضة على الطالب والباحث فهي أشمل وأعم من ذلك لأن القارىء المثقف الذي يقضي جل وقته في مكتبتا وبين كتبه المتنوعة والمختلفة عن الشخص الذي يتوقف طموحه عند الحصول على درجة معينة, حديثي هنا ليس عن المفارقات والمقارنات بين القارىء الحر وبين من يقرأ لتحقيق طموح مع أن البون شاسع بين الفريقين, هناك جوانب ثقافية ومصادر للمعرفة وخلق جيل مثقف من الجنسين متى ماوجد هذا الكنز الثمين ووضع له المكان الذي يليق به والذي يغذي العقول ووضع في منازلنا ليكون أنيس الوحدة وصديق المعرفة وهي «المكتبات المنزلية» التي مع الأسف قل أن تجدها في المنازل.
البعض يهتمون بالمساحات الكبيرة في المجالس والصالات وغرف النوم ويحرصون على الديكورات ذات الألوان المختلفة ومصابيح الإضاءات الفاخرة ولكن مع الأسف أن تكون تلك المساحات خالية من وجود المكتبات التي تعتبر مهمة جداً تتبعت سير بعض الأطباء والطبيبات والمهندس والمهندسات المتميزين والمهتمين بالقراءة فوجدت أن آباءهم من أصحاب المكتبات المنزلية وأهل القراءة فيعتاد الشاب والشابة منذ الصغر على القراءة من خلال تردده على مكتبة والده وتأثره بذلك حتى يسهل عليه ذلك دخول أي تخصص جامعي يطمح له ويأمل تحقيقه.
أنا أجزم بأن الأشخاص الذين يتنقلون بين المجالس العامة لإضاعة الوقت هم فئة يستنسخون عقول بعضهم ويستعيرون أفكار بعضهم البعض, نصيحة لكل رب أسرة اجعل للمكتبة مكاناً خاصاً في منزلك تضم كتباً ومصادر علمية مختلفة لكي يعتاد أفراد أسرتك وزوار منزلك على القراءة, أيقن كاتب هذه السطور قبل عقدين من الزمن أن القراءة والثقافة والمعرفة ومصادقة الكتب أمر ضروري في الحياة لكي تجعل منك إنساناً أكثر وعياً وإدراكاً يعرف مايدور في محيطه ولديه مناعة قوية تقف سداً ضد الجهل ومن يروج له ويتبناه في الحديث عن الماضي يقول الأديب الراحل عباس محمود العقاد: «لا أحب الكتب لأنني زاهد في الحياة، ولكنني أحب الكتب لأن حياة واحدة لا تكفيني».
كنت مهووساً بالبحث عن المعلومة دائم الشكوك والقلق جمعتني الصدف قبل عدة سنوات بأحد الزملاء من الصحفيين المهتمين بالجانب الثقافي وله الكثير من التحقيقات الثقافية واللقاءات الصحفية بشخصيات ثقافية سواء في مجتمعنا السعودي أو الخليجي وكذلك العربي جلست معه في مدة لا تجاوز نصف الساعة ولازلت أذكرها تفاصيلها ولكنه أنار لي الطريق منذ ذلك الوقت إلى وقتنا الحاضر وسأستمر على ذلك مستقبلاً وضع بين يدي مجموعة من أسماء كبار الكتاب والمثقفين العرب ومنهم طه حسين ونجيب محفوظ ومحمود عباس العقاد وتركي الحمد وغازي القصيبي وإبراز مؤلفاتهم ورواياتهم وكتبها لي على ورقه بيضاء وأعطاني إياها وأرشدني على مكان توفرها في بعض المكتبات لازلت أتذكر تلك الجلسة التي غيرت مجرى حياتي وجعلتني محباً وصديقاً للكتب والمكتبات، شكراً صديقي الذي أنار طريقي نحو الثقافة.