م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1 - تاريخ الجزيرة العربية مليء بقصص الهاربين المختبئين، إما فراراً من جريرة جريمة اقترفوها أو ثأر يخشونه، أو هروباً من واقع مرير يعيشونه.. ومهما كانت مرارة ما سوف يواجهونه في هروبهم إلا أنه أرحم مما كانوا سيواجهونه لو ظلوا في أماكنهم.. هروبهم جر عليهم تبعات لحقتهم ولحقت أبناءهم من بعدهم.. ودفعتهم إلى امتهان مهن مستنكرة في مجتمعهم، وتسموا بأسماء مختلفة عن مسماهم في قبيلتهم، ورضوا بالدونية في معيشتهم.. كل ذلك خشية أن يتم اكتشاف أمرهم وفضح سرهم، ومن ثم تتبع الباحثين عنهم، وإيقاع ما يخشونه وفروا منه بهم.. لذلك فوجود أشخاص بأسماء مستعارة ليست أسماءهم أمر حاصل في عصور سابقة لكنه ليس أمراً سائداً شائعاً بل أمر نادر يكون دافعه الخوف.
2 - كان إخفاء الهوية أمراً شائعاً للرجال تحديداً ومن النادر جداً أن تخفي امرأة هويتها، فالثارات تؤخذ من الرجال لا النساء.. أما اليوم فإن الأمر قد اختلف، فما كان نادراً من قبل أصبح حالياً أمراً شائعاً، وما كان يخص الرجال فقط أصبح اليوم يخص النساء أكثر من الرجال، فما الذي حصل ولماذا حصل؟
3 - داعي إخفاء الهوية كان دائماً هو الخوف، لكن اليوم ما هو الداعي للاختباء تحت هويات وأسماء مستعارة؟ ولماذا اقتصر على النساء دون الرجال، وممَّ يخاف هؤلاء؟ وهل من مجال لحمايتهم حتى يظهروا بهوياتهم الحقيقية، خصوصاً أنهم لم يرتكبوا جناية ضد أحد وليس لهم أو عليهم ثارات مع أحد؟ وإلى متى سيُجْبَرون على إخفائه؟ وهل يليق أن يحصل هذا في دولة الاستقرار والتنمية الممتدة ومجتمعها المتمدن؟
4 - الذي أثار سؤال «الهوية المختبئة» متابعتي قبل أشهر لدورة الألعاب السعودية.. لفت نظري وبشدة عدة أمور منها:
«التغطية للألعاب الرياضية النسائية كانت عن بعد وعلى استحياء، مع توجيه واضح بعدم ذكر أسماء المشاركات من لاعبات أو إداريات وإظهار وجوههن.
«عند الالتقاء مع بعض اللاعبات أو الإداريات على ندرتها يتم ذكر اسم اللاعبة الأول وربما اسم والدها ولكن ليس اسم العائلة، وهذا الأمر شاهدناه في (جولف السعودية) أيضاً.
«في تغطيات إعلام التواصل الاجتماعي، كانت هناك حالات من التعمية، وأحياناً حالات (وهي نادرة) خروج عن النص من بعض المغردين احتجاجاً على ظهور الفتاة بوجهها الصريح (بلا نقاب) أو إعلانه اسم عائلتها أو قبيلتها.
«رغم حرص الرياضي على الظهور الإعلامي إلا أن فتياتنا يرفضن ذلك، بل إن منهن من يمارس اللعبة بشكل خاص، لكن حينما تم مأسسة النشاط النسائي رفضن اللعب بشكل رسمي خشية الظهور الذي ستكون له تبعات أسرية وقبلية حسب قولهن، ليس من والديّ الفتاة بل من بعض أفراد القبيلة!
5 - هذا الاختباء ليس مقتصراً على الرياضيات فقط بل يشمل بعض الأديبات وسيدات الأعمال أيضاً! والآن ونحن في زمن «الرؤية».. ما هو الحل؟