محمد سليمان العنقري
المسؤولية هي التزام قبل كل شيء، وفي ثقافتنا الإسلامية فإن مفهوم المسؤولية الاجتماعية راسخ، نظراً لفوائدها العظيمة على المجتمع، وقد جاء قرار مجلس الوزراء الموقر بأن يحدد يوم ثابت للمسؤولية الاجتماعية في 23 مارس من كل عام ليجسد أهميتها كونها أيضاً من مستهدفات رؤية 2030 لوطن طموح ومجتمع حيوي واقتصاد مزدهر وتتولى وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قيادة هذا الملف بالتعاون مع جهات عديدة حكومية ومن القطاع الخاص ليكونوا شركاء في إنجاح هذا الملف وتنمية دوره بالمجتمع، فعملية الربط بين القطاعات الثلاثة العام والخاص وغير الربحي تعد ركيزة أساسية للنهوض بالمسؤولية الاجتماعية وتعزيز مفهومها بالمجتمع الذي يتعدى التبرعات أو الأعمال الخيرية فبناء المجتمع وتقديم الخدمات له والتنمية الاقتصادية لا تقع على عاتق طرف واحد فقط، بل كل المجتمع شريك بذلك ومن هنا برز تعريف المسؤولية الاجتماعية تحديداً للقطاع الخاص «بأنها التزام طوعي للعمل على خلق أثر مستدام لتنمية المجتمع والاقتصاد والبيئة وأن يكون ذلك ضمن إستراتيجيتها في كافة علاقاتها وأنشطتها الداخلية والخارجية».
فالهدف هو أن يكون للشركات دور يعزِّز من قيامها بنشاطات تنعكس على البيئة والعملاء والموظفين وذوي العلاقة مما يدعم دور الحكومة في تقديم الخدمات للمجتمع وهو ما يخفف العبء عليها ويزيد من مستوى التكاتف الاجتماعي وينعكس ذلك على النظرة لقطاع الأعمال بأن له دوراً إيجابياً في المجتمع، وقد حددت ست ركائز وأهداف للنهوض بها من خلال الشراكات وكذلك الحوكمة الوطنية للمسؤولية الاجتماعية وكذلك تطوير الأنظمة واللوائح بالإضافة إلى وضع إطار عمل شامل للتخطيط الوطني لها وإطلاق مبادرات وطنية كبرى مؤثِّرة بالتعاون مع قطاع الأعمال إضافة لإنشاء محفظة متوازنة من حزم التحفيز لتشجيع الشركات على المساهمة المجتمعية ولن تتحقق هذه الأهداف إلا بتطوير القدرات ورفع مستوى الوعي لدى قطاع الأعمال بالمسؤولية الاجتماعية وللتحقق مما انعكس من كل تلك الركائز والأهداف المنشودة فسيتم إعداد أدوات لرصد وقياس المسؤولية الاجتماعية فكل هذه المستهدفات تعد شمولية لقيادة هذا القطاع والوصول للغايات المرجوة منه فقطاع الأعمال عندما يزداد دوره بالمجتمع فهو سيحقق العديد من الفوائد للمجتمع وله من حيث السمعة الإيجابية للشركات التي تخدم المجتمع بمشاريع تنموية مستدامة مما ينعكس برفع حصصها السوقية والإقبال على منتجاتها وخدماتها إضافة للانعكاس على جودة وزيادة إنتاجها من قبل موظفيها عندما تقدم لهم خدمات اجتماعية، فالمسؤولية الاجتماعية على قطاع الأعمال لا تشمل فقط مشاريع للمجتمع، بل أيضاً لموظفيها.
ولتحقيق أهداف المسؤولية الاجتماعية شكلت لجنة وطنية لها تضم 15 جهة حكومية وأيضاً من القطاع الخاص حددت مهامها بالعديد من النقاط منها وضع الإستراتيجيات والخطط والبرامج ومؤشرات الأداء لتعزيز المسؤولية الاجتماعية وكذلك تحفيز الشركات والمؤسسات على المساهمة بالقطاع غير الربحي وإبراز مساهماتها والعمل على وضع الحوافز لدعم أنشطة المسؤولية الاجتماعية وتحديد مفهوم المسؤولية الاجتماعية وغيرها من المهام التي من شأنها الوصول لأفضل الممارسات بهذا القطاع المهم للمجتمع، ولإيجاد مجتمع تلتقي فيه القطاعات الثلاثة العام والخاص وغير الربحي لكي يكون التفاعل أوسع والأثر أعمق بالنتائج فسيتم إطلاق «منصة وطنية للمسؤولية الاجتماعية»، حيث يكون دور القطاع العام تحديد الأولويات التنموية وتقديم المحفزات بينما يكون دور القطاع الخاص تنفيذ المبادرات والبرامج على الاقتصاد والمجتمع وتبنيها فيما ينحصر دور القطاع غير الربحي بتطوير المبادرات والمشاريع التنموية وتنفيذها كوسيط لتصل للمستفيد النهائي، حيث تتركز أهداف المنصة بالعديد من النقاط منها تعزيز قيام الشركات بالمسؤولية الاجتماعية وكذلك تعزيز الشراكة بين القطاعات الثلاث ورصد وقياس مساهمات الشركات وتسليط الضوء على المساهمات المتميزة لتكون نماذج يحتذى بها بالإضافة لتعزيز ثقافة المسؤولية الاجتماعية، حيث ستحتوي المنصة على الفرص المعروضة من القطاع العام وغير الربحي ليتسنى للقطاع الخاص التعرف عليها.
يوم للمسؤولية الاجتماعية تحول مهم لانطلاقة جديدة لدورها المهم بتنمية المجتمع والاقتصاد حيث يمكن من خلال التطور الضخم بملفها من خلال تنظيمها وتعريفها وتحديدها وإنشاء منصة وطنية لها بقيادة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وبالتعاون مع الجهات ذات العلاقة أن تنتشر المشاريع التنموية تحت مفهوم المسؤولية الاجتماعية بمختلف القطاعات بكافة المناطق ومدن المملكة وأن تنتقل إلى مرحلة التزام طوعي يتفاعل فيه مجتمع الأعمال مع مستهدفات رؤية 2030 وفق إستراتيجية محكمة تثمر عن نتائج تحقق منافع عظيمة لكل أطراف المجتمع.