سمر المقرن
وسلمى التي أمْهَت معينا بعينه
ولولا هوى سلمى لقلت سجومها..
وكانت سلمى في موضع النظيم.. وهو اليوم حيّ معروف، في موقعه المرتفع شرق الرياض. يعود تاريخه إلى زمن بعيد جداً يصعب تقديره، ومعروف باسمه هذا منذ مئات السنين.
وكما جاء في معجم اليمامة، لابن خميس، هو النظيم، بفتح النون المشددة، وكسر الظاء، فياء ساكنة، فميم.. فعيل.. قال (ياقوت): هو شعب فيه غدُر وقلات، متواصلة بعضها ببعض من ماء الغدير، قال (الحفصي): من قلات (عارض اليمامة) المشهورة: (الحمائم) و(الحجائز) و(النظيم) و(مطرق).
قال (ابن هَرِمة):
أتعذر سلم? بالنوى أم تلومها
وسلمى قذى العين التي لا يريمها
وسلمى التي أمهت معينا بعينه
ولولا هوى سلمى لقلت سجومها
عفت دارها بالبرقتين فأصبحت
سويقة منها أقفرت فنظيمها
قال (البكري): ماء بـ(نجد) لـ(بني عامر)، ومضى يقول: وبـ(النظيم) تواعدت (بنو عامر)، فاجتمعت هناك، وأصلح بين قبائلها (العامران): (عامر ابن مالك)، و(عامر بن الطفيل).
قال (جرير):
وقفت على الديار وما ذكرنا
دارٍ بين تلعة و(النظيم).
وقال (رؤبة):
من منزلات أصبحت رميما
بحيث ناصى المدفع (النظيما)!
قلت: و(النظيم) اسم لكل قلات منتظمة في مجاري الأودية بظهور الجبال ومنحدراتها نحو السهول، فكل ما كان كذلك فهو نظيم.
وهناك (نظيم سلمى) بجبل (الجبيل) يقبل واديه مما يلي (خشم العان) شماليه، ويصب في (بطن السُّلي).
أما في مجاز ابن خميس فيذكر تحديداً لأحياء الرياض التي يظنها البعض حديثة، وهي بقدم السنين، مثل الملقا، حيث يذكر أنه موقع التقاء ثلاثة أودية هي الملقا ووادي العمارية ووادي حنيفة. وهذا الملقا هو الموجود حالياً شمال غرب مدينة الرياض.
للمسميات دلالاتها التاريخية العميقة، والتي تفتح لنا آفاقاً جديدة في كل مرة نطرق فيها باب التاريخ البشري في أي أرض.
مثل «وادي حنيفة» نفسه، والذي ورد في معجم ياقوت الحموي ومصنف الهمداني، ثم غلب عليه اسم وادي حنيفة، نسبة إلى قبيلة بني حنيفـــة التي ســـكنت فيه، بينما المتأمل في خارطة هذا الوادي، والمتفحص لمجراه، سيتبين أن القبيلة من حملت اسم الوادي وليس العكس، حيث الجغرافيا تفسر تسميته بوادي حنيفة، فهو ينزل من شمال العارض ثم (يحنف شرقاً) والحنف معروف في اللغة أنه الميل، لكن تفسيرات الحموي والهمداني أوقفت أو ساهمت في توقف الاجتهاد حول تسمية هذا الوادي التاريخي العريق.