انطلاقاً من حجم وقدرات المملكة العربية السعودية، العربي والديني والاقتصادي جاءت التحركات الأخيرة على عدة محاور دولية وازنة ضمن سياسة إستراتيجية تقوم على تفكيك الأزمات من الأعلى في سياسة مغايرة لتحركات إقليمية محدودة وترقيعية اهتمت بالتفاصيل وربما تاهت فيها.
الاتفاق الواعد أو التأسيسي بين الرياض وطهران يأتي في سياقات متعددة منها، فتح الباب أمام الصين لدخول المنطقة كغيرها من الدول، والسياق الثاني فتح حوار صريح مع الخصم بشكل مباشر.
بالتأكيد هذا الحوار سيجد له أولاً تأثيراً حقيقياً في الأمن الإقليمي في المنطقة، حوار مفضٍ إلى واقع جديد سيوفر منافع اقتصادية كبيرة أعدت لها السعودية أرضية قوية من خلال العلاقة مع روسيا مما سيعاظم من الدور السعودي في منظمة أوبك لإدارة دفة الطاقة في العالم.
الاتفاق سيعيد الاعتبار لدور الدول الرئيسة في المنطقة، التي ستدير قواعد اللعبة الدولية بأيدها مباشرة، وسيسمع الجميع صدى هذا الاتفاق في اليمن ولبنان والعراق وسوريا وفلسطين، وطبعا سيوفر فرصاً للجميع وفق أبجديات الاتفاق الإقليمي الكبير بالضمانات الصينية التي لن تسمح بإفشال هذا الإنجاز والحد من تداعياته على الإقليم والعالم.
سبق هذا الاتفاق تحرك سعودي وازن بين أوكرانيا وروسيا وهو أمر رحب به الطرفان المتنازعان، ويشكل في بعد دقيق حماية إستراتيجية للدور السعودي القيادي والهادئ ضمن ترتيبات تحمي الاستقرار وتعزز التنمية التي تنشدها المملكة داخلها وخارجها.
إيداع المملكة خمسة مليارات دولار في البنك التركي المركزي هو استثمار اقتصادي وإنساني ناجح يؤكد حجم المملكة ورغبتها في حراك اقتصادي كبير يجعل من الشرق الأوسط مستقبل العالم ضمن رؤية ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان.
مجموع الأنشطة الكبرى التي تقوم بها المملكة داخلياً وخارجياً تضع حدود للأدوار حسب الأحجام في المنطقة الحيوية للعالم ومنها المراهقة والأنانية الإسرائيلية التي تنطلق من أنها اللاعب الأهم في المنطقة، أو الطفل المدلل للسياسة الأمريكية مما يجعل من الرياض اللاعب الرئيس في المنطقة تصنع الحدث وعلى الجميع التعامل مع ارتداداته كرد فعل فقط.
الأهم في التحركات السعودية منذ استقبال الرئيس الأمريكي ثم الرئيس الصيني لوضع مخططات هذه القوى على طاولة الشرق الأوسط والقيام بمفاضلات متعددة تطوع أهداف القوى الكبرى مع الأهداف التي تسعى لها المملكة ما يكشف أن سمو الأمير محمد بن سلمان يمتلك الحكمة والهدوء والقدرة على قراءة المتغيرات والانسجام معها والاستفادة منها بذكاء شديد.
ما يجري كبير بقيادة الرياض ورزين، ويكشف أن خطط المملكة تعمل في الخارج كما الداخل وفريق إدارة الدفة يعرف بداية الطريق ونهايته بعيداً عن التشويش وأصحابه الذين اكتشفوا فجأة أنهم في وادٍ والمملكة تعمل بصمت في وادٍ آخر تماماً.
** **
- صحفي فلسطيني