رمضان جريدي العنزي
شطر من بيت من قصيدة طويلة للشاعر المتألق فرحان بن قيران، يقصد به المتكبرين والمتعالين والمتغطرسين، وأصحاب التعاظم والتبختر والعجب بالنفس، الذين لا يعرفون الإيثار والإنصاف، ولا يرون أحداً سواهم، وهي صفات مذمومة شرعاً وعرفاً، ولا تليق بالإنسان السوي، كونها صفة شيطانية، وذنباً حقيراً، ورذيلة أخلاقية، وعملاً سيئاً، ومرضاً في القلب، ومعضلة سلوكية، والتكبر شر مستطير، وداء منهك، وصاحبه مبغوض من الله ومن الناس، كونه حمقاً، ورداءة عقل، فالمتكبر لديه عقدة نقص، ومهزوز الشخصية، وليس عنده ثقة بالنفس، وقد ذم الله الكبر في مواضع عديدة في كتابه العزيز، وذم كل جبار متكبر متعالٍ ومغرور قال تعالى: {سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، فالمتكبر ليس على حق ولا هدى ولا طريق منير، قال تعالى: {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ}، فالمتكبر مطبوع على قلبه، مختوم على فؤاده، دون أن يشعر المسكين بذلك، والمتكبر مُتوّعَّدٌ بعدم دخول الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ كِبْرٍ):
يا مظهر الكبر إعجابا بصورته
انظر خلاك فإنّ النّتن تثريب
لو فكّر النّاس فيما في بطونهم
ما استشعر الكبر شبّان ولا شيب
هل في ابن آدم مثل الرّأس مكرمة
وهو بخمس من الأقذار مضروب
أنف يسيل وأذن ريحها سهك
والعين مرفضّة والثّغر ملعوب
يا بن التّراب ومأكول التّراب غدا
أقصر فإنّك مأكول ومشروب
إن الكبر من كبائر المهلكات، كونه عملاً فاحشاً، وسيئة أخلاقية، وعملاً من أعمال إبليس، وهو سمة السفهاء، ولا يليق إلا بالأراذل الجهلاء، فيا أيها المتكبر المتعالي، أنظر إلى نفسك، وتمعن فيها جيداً، من أنت؟ ومما خلقت؟ ومن أين خرجت؟ وأين تدفن عندما تموت؟ وأين يكون مصيرك يوم البعث والنشور؟ اللهم جنبنا الكبر والتعالي والغرور، ونجنا منه ومن أهله، وأبعدنا عن من يتصف بهذه الصفات الحقيرة الرديئة، وأرزقنا مصاحبة النبلاء المتواضعين.